1/20/2017

شرح كتاب صحيح الأذكار

الدرس الأول
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك 
محمد وعلى آله وصحابته أجمعين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

هذا هو الدرس الأول من دروس شرح كتاب صحيح الأذكار لفضيلة الشيخ وحيد بن عبدالسلام بن بالى 
وفي هذا الدرس سوف نتكلم على  فضائل وفوائد وآداب الذكر والدعاء وشروط استجابة الدعاء
اسال الله ان يشرح صدورنا جميعا لذكره وشكره وحسن عبادته
أولاً : معنى الذكر
إن ذكر الله نعمة كبرى ومنحة عظمى به تُستَجلب النعم وتُستَدفع النقم وهو قوت القلوب وقرة العيون 
وسرور النفوس وروح الحياة وحياة الأرواح ما أشد حاجة العباد إليه وما أعظم ضرورتهم إليه لا يستغني 
عنه المسلم بحال من الأحوال ولما كان ذكر الله بهذه المنزلة الرفيعة والمكانة العالية فأجدر بالمسلم أن 
يتعرف على فضله وأنواعه وفوائده
والمراد بالذكر الإتيان بالألفاظ التي ورد الترغيب في قولها والإكثار منها مثل التسبيح والتحميد والبسملة والحسبلة والاستغفار والدعاء بخيري الدنيا والآخرة كما أن الذكر يطلق على المواظبة على العمل بما أمر
الله تعالى به كتلاوة القرآن وقراءة الحديث ومدارسة العلم والصلاة النافلة
 أن للذكر أنواع: منه الذكر باللسان والذكر بالقلب والذكر بالجوارح
والمراد بذكر : اللسان كل الألفاظ الدالة عليه من التحميد والتسبيح والتمجيد
والذكر بالقلب : يكون بالتفكر في أسرار المخلوقات والكون
والذكر بالجوارح : يكون باستغراقها في الطاعات التي أمر الله تعالى بها
ثانياً : فضل الذكر
 أن الذي يذكر ربه يكون ممتثلاً لأمر الله سبحانه وتعالي 
وأحكامه فقد قال تعالى ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً [ الأعراف 205 ]
وقال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً [الأحزاب41] وقال تعا لى ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ 
كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ [الأحزاب:35] أي: كثيرا ففيه الأ مر بالذكر بالكثرة والشدة لشدة حاجة العبد إليه 
وعدم استغنائه عنه طرفة عين
 الذكر أفضل من الدنيا وما فيها
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم [ لأن أقول سبحان الله والحمد لله 
ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ] أي من الدنيا وما فيها من الأموال وغيرها
فذكر الله تعالى غذاء الأرواح وشفاء القلوب وقرة عيون المحبين والذكر عبادة عظيمة سهلة ميسرة ولكن 
على من يسر الله عليه
 الذكر سبب من أسباب مغفرة الذنوب 
إن من طبيعة ابن آدم وقوعه في الخطأ والذنب فليس أحد منا معصوم كلنا خطاء وخير الخطائين التوابون 
ولا أحد يسلم من وقوع فى خطأ أو ذنب لكن الله من فضله وكرمه جعل للعباد أسبابا لما اغترفوا من 
الذنوب والخطايا ذلك أن مغفرة الذنوب غاية كل مسلم ومطلب كل مؤمن لأن بمغفرة ذنوبه ينال السعادة 
في الدنيا والآخرة قال تعالى  ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ 
لِلْمُتَّقِينَ [ أل عمران 133 ] فإذا أردت أن يغفر الله ﷻ لك ذنبك فعليك بذكر الله قال رسول الله صل الله عليه وسلم [ من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ]
 الذكر عمل يسير وأجره عظيم 
ذكر الله من أثقل الأعمال عند الله سبحانه وتعالى لما رواه سعد بن أبي وقاص قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال [ أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة ؟ ] فقال رجل من جلسائه  
[ كيف يكسب ألف حسنة يارسول الله ؟ ] قال [  يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة ] وعن أَبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال [كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ]
بذكر الله سبحانه تغرس لك نخلة في الجنة 
 لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم [ من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة ]
وهذا الحديث العظيم يرشدنا إلى خير عظيم ونعيم كبير والمسلم يسعى إلى الاستزادة من هذه الخيرات الوافرة لتكون زادا له في الدنيا وفي الآخرة والمسلم الفطن هو الذي يستغل جميع الموارد المتاحة ليستزيد من فضل الله تعالى ولقد يسر الله جل جلاله لنا أسباب الاستزادة من الخير في الدلالة على فضل الأوامر الشرعية والأذكار العظيمة وكلما أكثر المسلم من الذكر والطاعة زاده الله تعالى من فضله وفضل الله تعالى واسع وكبير لا يحصيه أحد
ثالثاً : فوائد الذكر
للذكر فوائد كثيرة بعض العلماء ذكر مائة فائدة للذكر منها
يرضى الرحمن سبحانه وتعالى أنه يطرد الشيطان                         
ينجى من عذاب الله عزوجل يوم القيامة 4  يجلب الرزق                             
يجلب للقلب الفرح والسرور 6  يزيل الهم والغم                           
 7يورث محبة الله للعبد  8 ينور الوجه والقلب                       
 يورث محبة العبد لله ومراقبته ومعرفته والرجوع إليه والقرب منه ƒ
 10 يورث ذكر الله للذاكر
رابعاً : أداب الذكر والدعاء
وللذكر والدعاء آداب ينبغي للذاكر والداعي أن يتأدب بها ومن هذه الآداب
1 يستحب استحضار عظمة الله عزوجل عندالذكر 
 وذلك لقول الله تعالى ﴿ ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [ الحج 32 ]
 يستحب بدء الدعاء بالثناء على الله عزوجل ويصلي على النبي ﷺ ويختم بذلك 
وذلك لأن النبي صل الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في صلاته لم يمجد الله تعالى ولم يصل على النبي 
صل الله عليه وسلم فقال له صل الله عليه وسلم عجل هذا ثم دعاه صل الله عليه وسلم فقال له 
[ إذا صلى أحدكم ( أي إذا دعا أحدكم ) فليبدأ بتمجيد ربه عزوجل ] (أي فليبدأ بتعظيم الله سبحانه وتعالى والثناء عليه ) ثم يصلي على النبي ثم يدعو بعده بما شاء ] فينبغي للداعي افتتاح الدعاء بحمد الله
تعالى والثناء عليه بما هو أهله والصلاة والسلام على نبيه واختتام الدعاء بمثل ذلك فعن فضالة بن عبيد 
قال: بينما رسول الله صل الله عليه وسلم جالس إذ دخل رجل فصلى فقال [ اللهم اغفر لي وارحمني ] 
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ عجلت أيها المصلي إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله 
وصل علي ثم ادعه ] قال : ثم صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله وصلى علىالنبي صل الله عليه وسلم 
فقال صل الله عليه وسلم[ أيها المصلي ادع تجب] 
2 يستحب أن يدعو للمؤمنين والمؤمنات مع نفسه فى الدعاء 
وذلك لأن الله عز وجل قال ﴿ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [ محمد 19 ]
ذلك الأعرابي الذي دخل المسجد فصلى ثم رفع يديه إلى السماء فقال[ اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا 
أحدا أبدا ] فقال له النبي صلى الله عليه وسلم [ لقد حجرت واسعا ] فرحمة الله وسعت كل شيء ولذلك 
تدعو لنفسك ولغيرك من المسلمين وادع للضالين بالصلاح وادع للكافرين بالهداية وهذا كله قليل بجانب 
رحمة الله وسعة فضله تبارك وتعالى أيضا أن دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة وذلك لقول رسول 
الله صل الله عليه وسلم [ ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل ]
أي دعا له الملك بمثل ما دعا لأخيه ومن الدعوات المستجابات دعوة الوالد لولده وعلى ولده
ودعوة المسافر ودعوة المظلوم وذلك لقول رسول الله صل الله عليه وسلم [ ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر  ودعوة الوالد على ولده ]
 3 يستحب الألحاح فى الدعاء
فعن ابن مسعود قال [ كان إذا دعا دعا ثلاثاً وإذا سأل سأل ثلاثاً ] ومن هذا أن النبي صل الله عليه وسلم 
لما سأله رجل أن يدعو الله سبحانه وتعالي أن ينزل المطر قال[ اللهم اسقنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا ] 
ثلاثا فكن عبدا ملحاحا علي ربك سبحانه بتكرير ذكر ربوبيته وهو أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء فإن 
الإلحاح يدل على صدق الرغبة والله تعالى يحب الملحين في الدعاء وأن من يُكثر قرع البابيوشك أن يُفتح له
يا من أجاب دعاء نوح فانتصر --- وحملته في فلكك المشحون
يا من أحال النار حول خليله --- روحا وريحانا بقولك كوني
يا من أمرت الحوت يلفظ يونس --- وحميته بشجيرة اليقطين
يا رب إنا مثله في كربة --- فارحم عبادا كلهم ذو النون
 4 يستحب عند الدعاء رفع اليدين وأستقبال القبلة
فعن أبو موسى الأشعري قال [ دعا النبي صل اللَّه عليه وسلم ثم رفع يديه ورأيت بياض إبطيه] وعن سلمان رضي الله عنه قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم [ إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه 
أن يردهما صفرا خائبتين ] أي خائبتين لا شيء فيهما وقد حث الله سبحانه وتعالى عباده على الدعاء 
فقال سبحانه ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي 
لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [ البقرة 186] وقال سبحانه ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً [ الأعراف 205] 
أي في الخفاء
استقبال القبلة
عن سالم عن ابن عمر أنه كان يرمي جمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة ثم يتقدم حتى
 يسهل فيقوم مستقبل القبلة طويلا ويدعو ويرفع يديه ثم يرمي الوسطى بسبع حصيات يكبر كلما رمى 
بحصاة ثم يأخذ بذات الشمال ويقوم مستقبل القبلة ثم يدعو ويرفع يديه ويقوم طويلا ثم يرمي جمرة ذات 
العقبة من بطن الوادي بسبع حصيات يكبر عند كل حصاة ولا يقف عندها ثم ينصرف فيقول [ هكذا رأيت 
النبي صل الله عليه وسلم يفعله]
 5 الإقرار بالذنب والخطيئة
كما فعل نبي الله يونس عليه السلام قال تعالى ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى 
فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [ يونس 87 ]
قال الإمام السعدي رحمه الله فنادى في تلك الظلمات ﴿لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ 
فأقر لله تعالى بكمال الألوهية ونزهه عن كل نقص وعيب وآفة واعترف بظلم نفسه وجنايته
خامساً : شروط الدعاء
إن للدعاء شروطا يجب أن تتوفر لكي يستجيب الله عز وجل للداعي
الشرط الأول : الإخلاص
ومعنى الإخلاص أن يكون الدعاء لله وحده لا رياء فيه  وأن تقصد بالدعاء وجه الله سبحانه وتعالى قال 
عزوجل ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ[ البينة 5 ]
فمن دعا الله وهو يريد غير وجه الله سبحانه كأن يريد مثلا أن يثني الناس عليه فإن الله ﷻ لا يستجيب 
له فيجب تصفية الدعاء والعمل من كل ما يشوبه وصرف ذلك كله للَّه وحده لا شرك فيه ولا رياء ولا سمعة 
ولا طلبا للعرض الزائل ولا تصنعا وإنما يرجو العبد ثواب اللَّه ويخشى عقابه ويطمع في رضاه وقد أمر اللَّه
 تعالى بالإخلاص في كتابه الكريم فقال تعالى ﴿ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ
الشرط الثاني : المتابعة للرسول صل الله عليه وسلم
فلا يدعو بشيء فيه معصية أو مخالفة لهدي رسول الله صل الله عليه وسلم وذلك لأن النبي صلالله عليه وسلم
قال [ من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ] أي مردود عليه
الشرط الثالث : الثقة بالله مع اليقين والعزم في الإجابة
بعض الناس إذا دعوا الله سبحانه وتعالي لا يثقون في إجابة الله تعالي لهم وهذا من أسباب
عدم استجابة الدعاء وينبغي للداعي أن يكون عالما بأن الله وحده هو القادر على إجابته فمن أعظم الشروط لقبول الدعاء الثقة باللَّه تعالى وأنه على كل شيء قدير لأنه تعالى يقول للشيء كن فيكون قال تعالى{ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ } [ النمل 62 ]
قال الإمام العلامة السعدي رحمه الله فى هذه الأية
أي: هل يجيب المضطرب الذي أقلقته الكروب وتعسر عليه المطلوب واضطر للخلاص مما هو فيه إلا الله وحده؟ ومن يكشف السوء أي: البلاء والشر والنقمة إلا الله وحده؟ ومن يجعلكم خلفاء الأرض يمكنكم منها ويمد لكم بالرزق ويوصل إليكم نعمه وتكونون خلفاء من قبلكم كما أنه سيميتكم ويأتي بقوم بعدكم أإله مع الله يفعل هذه الأفعال؟ لا أحد يفعل مع الله شيئا من ذلك
ومما يزيد ثقة المسلم بربه تعالى أن يعلم أن جميع خزائن الخيرات والبركات عند اللَّه تعالى قال سبحانه
﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ وقال النبي  صل الله عليه وسلم في 
الحديثالقدسي الذي رواه عن ربه تبارك وتعالى: [ يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا
 في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا
 أدخل البحر يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله  ومن وجد 
غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ] وهذا يدل على كمال قدرته وأن ملكه وخزائنه لا تنفد ولا تنقص بالعطاء 
ولو أعطى الأولين والآخرين من الجن والإنس جميع ما سألوه في مقام واحد ولهذا قال النبي صل الله عليه وسلم [ يد اللَّه ملأى لا يَغِضها نفقة سحاء الليل والنها أرأيتم ما أنفق مذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض 
ما في يده وكان عرشه على الماء وبيده الميزان يخفض ويرفع ]
الشرط الرابع : تجنب الأستعجال
دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الدعاء لا يقبله الله عزوجل في أحوال معينة منها الأستعجال
فيجب أن يتجنب الداعي الاستعجال فعن أبى هريرة أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال [ يستجاب
 لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي ] وعنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم 
[ يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل ] قيل [ يا رسول الله ما الاستعجال ؟ ] قال 
[ يقول قد دعوت وقد دعوت فلم يستجاب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء ] أي ينقطع عند ذلك  ويدع الدعاء ولا يستجيب الله له
الشرط الخامس : العزم والجزم والجد في الدعاء
المسلم إذا سأل ربه فإنه يجزم ويعزم بالدعاء ولهذا نهى النبي صل الله عليه وسلم عن الاستثناء في 
الدعاء فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صل الله عليه وسلم [ إذا دعا أحدكم فليعزم في الدعاء
 ولا يقل اللَّهم إن شئت فأعطني فإن اللّه لا مستكره له]  وفي رواية: [ فإن اللَّه لا مكره له ] فالله ﷻ لا أحد 
يكرهه فالله يفعل ما يشاء سبحانه فإذا دعوت الله فادع دعاء عازم مستيقن عازم في الدعاء مستيقن للإجابة
الشرط السادس : ألا يدعوا إلا الله
قال تعالى ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [ الجن 18 ]
هذا شرط في جميع العبادات فلا بد أن يكون الدعاء والعمل خالصا للَّه صوابا على سنة رسول اللَّه صل الله عليه وسلم وأن يتوسل إلى الله بأنواع التوسل المشروعة ومنها التوسل بأسماء الله وصفاته قال تعالى
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
[الأعراف 180] وقال تعالى﴿قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى [الإسراء 110 ]
الشرط السابع : حضور القلب والخشوع
حضور القلب والخشوع والرغبة فيما عند اللَّه من الثواب والرهبة ومما عنده من العقاب فلا بد للمسلم في 
دعائه من أن يحضر قلبه وهذا أعظم شروط قبول الدعاء فالذي يدعو ربه بقلب لاه لا يشعر بما يقول فالله ﷻ 
لا يستجيب له وقد جاء في حديث أبي هريرة عند الإمام الترمذي:
 [ ادعوا اللَّه وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن اللَّه لا يستجيب دعاء من قلب غافل ] وقد أمراللَّه تعالى 
بحضور القلب والخشوع في الذكر والدعاء فقال سبحانه: ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ 
مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ  
الأوقات والأماكن والأحوال والأوضاع التي يستجاب بها الدعاء
لقد دلنا الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم على أوقات مخصوصة وأماكن معينة
 يستجاب الدعاء فيها
1 عند الاستيقاظ من النوم ليلا والدعاء بالمأثور 
لقول رسول الله صل الله عليه وسلم [ من تعار (أي انتبه واستيقظ) من الليل فقال  لا إله إلا الله وحده لا 
شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا 
حول ولا قوة إلا بالله ثم قال اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له فإن توضأ وصلى قبلت صلاته ]
فمن استيقظ من الليل فقال هذا الدعاء ثم دعا الله عز وجل بأي دعاء استجاب الله عزوجل له
2 الثلث الأخير من الليل 
وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سمع رسول اللَّه صل الله عليه وسلم يقول [ أقرب ما يكون الرب 
من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر اللَّه في تلك الساعة فكن ] وعن أبي 
هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال[ ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء 
الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر
 له ]
3 ليلة القدر 
قال اللَّه تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ وعن عائشة رضى الله عنها 
قالت: [ قلت: يا رسول اللَّه أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القد ما أقول فيها؟ ] قال:[ قولي: اللَّهم إنك عفو 
كريم تحب العفو فاعف عني ]
 4 بين الأذان والأقامة 
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم [الدعاءلا يرد بين الأذان 
والإقامة فادعوا]
5 عند النداء للصلوات المكتوبات 
عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم [ ثنتان لا تردان أوقلما تردان: الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضا ]
6 عند إقامة الصلاة
وعن سهل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم  [ ساعتان لا ترد على داع دعوته: 
حين تقام الصلاة وفي الصف في سبيل اللَّه ]   
أحوال إجابة الدعاء
إذا دعا المسلم ربه سبحانه وتعالى بدعاء فإما أن يستجيب له في الدنيا وإما أن يستجيب له فى الآخرة 
وإما أن يصرف عنه من السؤال مثل ما دعا وذلك لأن النبي صل الله عليه وسلم قال[ ما من مسلم يدعو 
بدعوة ليس فيها إثم (أي ليس فيها معصية ) ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إما أن تعجل
 له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها ] قالوا[ إذن نكثر يا رسول 
الله ؟ ]  قال [ الله أكثر]
وقد نهانا الله ورسوله صل الله عليه وسلم عن أشياء في الدعاء من هذه الأشياء
 1 النهي عن الدعاء بإثم أو قطيعة رحم أي لا يجوز لأحد أن يدعو بمعصية كأن يقول 
 [ يا رب أعني على شرب الخمر أوأعني على معصية كذا وكذا] كذلك لا يجوز له أن يدعو بقطيعة رحم 
كأن يقول مثلا [ يا رب باعد بينى وبين أرحامي أولا تجعلني واصلا لرحمي ] وذلك لأن النبي صل الله 
عليه وسلم قال[ لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ]
2 وكذلك نهانا رسول الله صل الله عليه وسلم عن الاعتداء في الدعاء أي لا يجوز لأحد أن يعتدي 
في الدعاءمثال ذلك أن يقول [ اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وفاكهتها وأنهارها وكذا وكذا] 
أوأن يقول [ أعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذاوكذا ] وذلك لأن النبي صل الله عليه وسلم 
قال[ سيكون قوم يعتدون في الدعاء فإياك أن تكون منهم إنك إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها من 
الخير وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من شر ]
3 لا يدعو على أهله وماله وولده ونفسه 
نهانا رسول الله صل الله عليه وسلم عن الدعاء على النفس والأولاد والمال
عن جابر رضي الله عنه  في الرجل الذي لعن بعيره فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [ من هذا 
اللاعن بعيره؟ ] قال [ أنا يا رسول اللَّه] قال [انزل عنه فلا تصحبنا بملعون لا تدعوا على أنفسكم 
ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من اللَّه ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم ]
4 التوسع في  المحرمات
فمن موانع استجابة الدعاء التوسع في المحرمات أكلا وشربا وارتكاب المعاصي والمحرمات
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ أيها الناس : إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين
 بما أمر به المرسلين فقال ﴿ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وقال 
﴿ يا أيها الذين ءامنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ثم ذكر [ الرجل يطيل السفر أشعث (أي شعره غير 
مرتب ) أغبر(أي عليه تراب من طول السفر) يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه 
حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ] أي كيف يستجيب الله تعالى لمن هذه صفته

نكتفى بهذا القدر على أن نستكمل الدرس القادم

والحمد لله وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى أهله وأصحابه ومن أتبعهم
 بإحسان إلى يوم الدين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق