12/19/2016

الدرس العاشر




الشرح

ذكر المؤلف رحمه الله تعالى الدليل على كون التوكل عبادة من العبادات الجليلة فإن التوكل
 على الله سبحانه وتعالى  من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه عزوجل فهو 
كما عبر بذلك العلامة ابن القيم يعتبر المركب السائر إلى الله عزوجل فإنه إذا نزل عن هذا 
المركب الذي يوصله إلى الله تبارك وتعالى فإنه يتأخر ويحصل له شيء من التباطؤ بخلاف ما 
إذا استمر في سيره إلى الله تبارك وتعالى في ركوبه على هذا المركب وهو التوكل على الله 
عز وجل الذي هو جماع أنواع العبادات فمنزلة التوكل بالنسبة لسائر العبادات كمنزلة
 الجسد من الرأس كما أن الرأس لا يقوم إلا على البدن أيضا لا تقوم أعمال الإيمان ومقامات الإحسان وهكذا الإسلام إلا على ساق التوكل هكذا قال رحمه الله تعالى

المجاهرة بالمعاصى والمنكرات




حديثنا اليوم عن خُلق ذميم ووصف قبيح وذنب كبير يدل على ضعف الإيمان وقسوة القلب
وقلة الأدب وإنعدام المروءة وانعدام الخوف والحياء من الله من يُبتلي به هتك ستر الله عليه
فخسر في الدنيا والأخرة إنه بلاء عظيم فالمجاهرة بالمعاصى والمنكرات بأن يتبجح المرء
بمعصيته لله عزوجل ويُعلنها صريحة بلسانه ناسياً ومتناسياً حق الله وفضله فالمجاهرة
بالمعاصي والمنكرات: أن يرتكب الشخص الإثم علانية ويقع في المعصية جهارا أمام أعين
 الناس وأنظارهم بدون حياء ولا خجل والمجاهرة كذلك أن يرتكب المرء المعصية سرا فيستره
الله عزوجل ولكنه يُخبر الناس بما ارتكبه من الذنب والإثم مستهينا بستر الله له

درس المجاهرة بالمعاصى والمنكرات


الدرس بصيغة وورد



الدرس بصيغة pdf

دروس الأصول الثلاثة

الدرس الخامس

صيغة وورد

صيغة pdf


الدرس السادس 

صيغة وورد

صيغة pdf

12/10/2016

النية

النية هي قصد الله سبحانه وتعالى بالعمل والعبادة والتوجه إليه دون من سواه 
ولأجل ذلك يقول أهل العلم: بأن محلها القلب ولا أحد يطلع عليها إلا الله سبحانه وتعالى
فليس كلنا على قدر واحد من النية
🌘 فمن كانت له نية خالصة لا يلتفت إلى شيء من الدنيا ولا حطامها ولا ثناء الناس ولا مدحهم فهو أتم 
ما يكون إخلاصا وأعظم ما يكون أجرا ومن كان دون ذلك فهو دون ذلك ومن فوت هذا فات عليه أجر الدنيا 
وأجر الآخرة عند الله سبحانه وتعالى ولم يلحقه إلا البلاء والنكال والوبال من الله سبحانه وتعالى
 ولذلك قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ 
* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود: 15 16]
🌒 وفي الحديث أن النبي صل الله عليه وسلم قال: [من طلب علما مما يُبتغى به وجه الله لا يريد به إلا عرض الدنيا] 
يعني شيئا من مُتعها [ لم يجد عرف الجنة ] يعني هذا وعيد شديد حتى إن هذا العامل لا يجد ريح الجنة 
لما فوت من الإخلاص لما فوت من حسن القصد لما فوت ما ينعقد في القلب من إرادة الله سبحانه وتعالى

12/09/2016

الدرس الثامن

الشرح

قال [ وأنواع العبادة التى أمر الله بها ]
تم شرح هذه العبارة فى الدرس السابق
و أعلى مراتب العبادة هي هذه الأشياء الثلاثة  الإسلام بأركانه من الصلاة والصوم والحج
هذه أرفع أنواع العبادة والإيمان بأعماله مثل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله هذه من
العبادة وأيضا الإحسان وهو :  [ أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ]
فهذه أعلى مراتب العبادة
قال  [مثل الإسلام والإيمان والإحسان  ]
أن هذه أعلى مراتب الدين وأرفع وأجل أنواع العبادة ولم يتعرض الشيخ محمد بن عبدالوهاب
رحمه الله لتفصيلها لأنه سيأتى الكلام عنها مفصلاً فى الموضع الذى ذكره المؤلف رحمه الله 

قال [ ومنه الدعاء والخوف ... إلى أخره ]
 ذكر المصنف رحمه الله هذه الأنواع وهذه بعض من أنواع العبادة التي أمر الله بها والتي يتعبد المتعبدون بها لله عزوجل وهذه التى ذكرها المصنف ليست على وجه الحصر وليست على وجه الخصوص وإنما بعضاً منها
يسئل سائل ما هو السر فى تخصيص المصنف رحمه الله لهذه الأصناف بالذكر دون غيرها وأنواع العبادة كثيرة ؟ الجواب : أن المصنف رحمه الله  إنما خص هذه الأنواع لأن هذه الأنواع هي التي صرفها عباد القبور لغير الله وأشركوا فيها معه غيره فلهذا خصها المصنف رحمه الله  بالذكر وبالتفصيل وذكر الأدلة وإلا فكما هو معلوم أن جميع أنواع العبادة لا يجوز صرفها لغير
الله وأن من يصرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر والله أعلم

قال بعد أن ذكر الأنواع على سبيلِ الإجمال [ وغير ذلك من أنواع العبادة التى أمر الله
بها كلها لله تعالى ]
 يعني لا يجوز صرف شيئاً منها لغير الله عزوجل لأن الله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يستحق العبادة وأن من كان غيره ودونه فهو عبد لله عز وجل

قال والدليل قوله تعالى { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً }  

{ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} تقدم أن فيها تفسيرين لأهل العلم وهما
القول الأول : أن المساجد بمعنى مواضع العبادة وهي البيوت التي بنيت لأجل عبادة الله
عزوجل {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً} فمعناه فلا تعبدوا فيها غيره إذا كانت هذه البيوت إنما بنيت لأجل عبادة الله عز وجل فلا تعبدوا فيها غيره هذا التفسير الأول  وهو قول الجمهور من أهل العلم ثبت عن ابن عباس وجماعة من السلف وهذا أقرب القولين أن المراد بالمساجد أنها مواضع العبادة فإذا كانت المساجد لله وإنما بنيت لأجل إقامة ذكر الله فالشرك
 فيها شديد وعظيم وفظيع أن تكون هذه المواضع إنما بنيت لأجل إقامة التوحيد وعبادة الله
وحده ثم يشرك فيها غير الله عزوجل وعلى هذا المعنى فــــ : (المساجد) جمع ماذا؟
 مسجد بكسر الجيم


القول الثاني : أن المراد بالمساجد هي مواضع السجود يعني أعضاء السجود بمعنى أن الله أنعم عليكم بهذه الأعضاء أعضاء السجود وهي [الجبهة والكتفان واليدان والقدمان ] فلا تسجدوا بها لغير الله أَو لا تستعملوها في السجود لغير الله عزوجل هذا قول طائفة من السلف وأيضا جماعة من أئمة اللغة فعلى هذا (مساجد) يكون جمعا لماذا؟ لمسجد  بفتح الجيم إذا قلنا أنها أعضاء السجود فهي بفتح الجيم وقوله عزوجل {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً } يعني على
كلا القولين ففي الآية دليل على وجوب إفراد الله عزوجل بالعبادة لأن قوله {فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً} يشمل نوعي الدعاء وهو : [ دعاء المسألة و دعاء العبادة ] { فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً} إذا قلنا بأن المراد [ دعاء المسألة ] أي فلا تسألوا مع الله أحدا وإذا كان المراد [ دعاء العبادة ] أي فلا تعبدوا مع الله أحدا وإنما أضيفت المساجد لله عزوجل على سبيل التشريف وعلى سبيل التكريم وتضاف إلى غير الله عزوجل على سبيل التعريف يعني يقال [ هذا مسجد فلان أومسجد آل فلان ] فهذا على سيبل التعريف أما إذا أضيفت إلى الله فهذا على سبيل التكريم والتشريف مثل ما يقال
[ بيت الله  و كعبة الله ] وهكذا وكلمة [أحدا] نكرة فى سياق النهى فيفيد العموم يشمل الأنبياء والصالحين والملائكة والجن والأشجار والأحجار وغير ذلك مما تُعبد من دون الله تبارك وتعالى

قال  
[ فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر ]
يعني من صرف نوعاً من أنواع العبادات المذكورة أو شيئاً لغير الله عز وجل فهو مشرك كافر وهذا يدل على أن من دعا غير الله من الأموات والمغيبين أو رجاهم رجاء العبادة أو خاف منهم خوف السر أوذبح أونذر أوغير ذلك من الأنواع التى ذكرها المصنف رحمه الله فإنه يعتبر مشرك كافر[ فمن صرف منها شيئاً ] الضمير يعود إلى ماذ؟ إلى أنواع العبادة التي ذكرها المصنف رحمه الله وكلمة [شيئاً]  شيء نكرة في سياق الشرط فتفيد العموم
[ من صرف منها شيئاً ] ولو كان قليلاً لغير الله عز وجل فهو مشرك كافرهذا يدل على أن الشرك بمعنى الكفر لأنه قال [ فهو مشرك كافر ] هذا هو المشهور أن الشرك يأتي بمعنى الكفر وأن الكفر بمعنى الشرك وبعض أهل العلم خص الشرك بالتوجه إلى المعبودات من دون الله كالقبور أَوالأشجار أَوالأحجار من توجه إليها من دون الله هذا يقال له مشرك وأما الكافر فهو مأخوذ من الجحود والإنكار والعناد ولا يطلق على من لم يشرك بإنه مشرك وإنما يقال كافر يعني إذا لم يدع ولم يندد مع الله يقال له كافر يقال له كافروأما الذي يتخذ له معبوداً من دون الله يحبه مع الله أو يعبده مع عبادته لله هذا يقال له مشرك وكما تقدم أن القول المشهور أن الشرك والكفر يكونان بمعنى واحد يأتى أحدهما في موضع الآخر

قال والدليل قوله تعالى {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إلهاً آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ
إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ }
  يعني الدليل على من صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله فهو مشرك كافر{ وَمَنْ يدعُ }
بمعنى [ومن يعبد]  ما وجه الدلالة من الآية ؟ {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إلهاً آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِه} يعنى
[من يعبد مع الله إلها آخر لا برهان له به] قوله {لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِه} يقول أهل العلم هذه صفة كاشفة وليست صفة مقيدة فالصفات على قسمين[ صفة كاشفة و صفة مقيدة ]
فمعنى الآية { وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إلهاً آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِه } أن جميع من يعبدون غير الله فإنما يعبدونه بغير برهان وبغير حجة ولا بينةهذه صفة وحال المشركين مع الله عزوجل أنهم يعبدون غير الله بدون بينة وبدون برهان وبدون حجة ولو زعموا غير ذلك وليس المراد من الآية أن من دعا مع الله غيره وعبد غيره وكانت عنده بينة وبرهان وحجة فلا بأس ليس المراد من الآية ذلك  وإنما المراد بيان أن جميع من يعبدون غير الله ويشركون مع الله غيره فإن حالهم وواقعهم أنهم ليست عندهم بينة ولا حجة ولا برهان { فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ}أي أن الله يحاسبه حساباً ليس كأى حساب بل هو حساب شديد وعظيم يؤدى به إلى الهلاك { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ } هذا إِخبار من الله عزوجل أن الكفار والمشركين هالكون خاسرون وليسوا بمفلحين إنما الفلاح لأهل الإيمان وأهل التوحيد الخالص كما قال الله عز وجل {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ }ويقول النبى صل الله عليه وسلم وهو يتخلل بعض أسواق العرب [قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ]علق النبي صل الله عليه وسلم الفلاح على النطق بهذه الكلمة مع معرفة معناها والعمل بمدلوها والقيام بلوازمها

قال المصنف رحمه الله  وفى الحديث [ الدعاء مخ العبادة ]  
هذا الحديث بهذا اللفظ ضعيف من طريق ابن لهيعة وفيه عنعنة الوليد بن مسلم ويغنى عنه حديث النعمان بن بشير مرفوعا عن النبي صل الله عليه وسلم بلفظ [ الدعاء هو العبادة ] أما
هذا الحديث الذي ذكره المصنف وهو حديث : [ الدعاء مخ العبادة ]   يعني مخ الشيء هوخالصه وهذا الحديث كما تقدم ضعيف ويغني عنه الحديث الآخر : [ الدعاء هو العبادة ] إذن معنى الحديث أنه لا عبادة إلا بالدعاء أو العبادة مقصورة ومحصورة فى الدعاء لعظيم شأن الدعاء وفضله
قول النبي صل الله عليه وسلم [ الدعاء هو العبادة ] هذا شروع من المصنف رحمه الله بذكر الأدلة على أنواع العبادة التي مثل بها وهذا يدلنا على أن الدعاء عبادة من العبادات وأنه لا يجوز صرفه لغير الله ومن صرف العبادة لغير الله فهو مشرك بدلالة الأية التى ذكرها المصنف وأيضاً قوله عزوجل {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} وأيضا {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} وأيضا قوله عزوجل {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} هذه الأدلة مع الآية التي ذكرها المصنف {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إلهاً آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ }هذه الآيات الأربع  مع الأية التى ذكرها المصنف فيها دلالة على أن من عبد غير الله ودعا مع الله غيره أنه كافر وأنه مشرك

إذن عرفنا أن من صرف شيئا من العبادات لغير الله فهو كافر ومشرك فما هو الدليل على أن الدعاء عبادة ؟ قال المصنف رحمه الله والدليل قوله تعالى {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ]
 أي أن هذه الآية فيها دليل على أن الدعاء عبادة من العبادات ما هو وجه الدلالة من هذه الآية على كون الدعاء عبادة من العبادات ؟ وجه الدلالة من هذه الآية على ذلك أن الله عزوجل قال
{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي} ثم قال بعد ذلك {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي } فأطلق على الدعاء بأنه عبادة هذا يدلنا على أن الدعاء عبادة من العبادات فمن صرفه لغير الله فهو مشرك ومما يدل على أن الدعاء عبادة أيضا قوله عزوجل {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} يعني الشاهد من الآيتين قولهُ {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو} ثم قال {وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} الحاصل أن الدعاء عبادة لا يجوز صرفه لغير الله والدعاء الذي هو عبادة هو المقرون بالرغبة والرهبة وهو المقرون بالحب والخضوع أما دعاء الحي في أمر يقدر عليه هذا ليس بعبادة ولا يكون هذا الدعاء شركا بالله عزوجل إذا دعا شخصا آخر إلى وليمة دعاه إلى عمل دعاه للمجيء يقول [ يا فلان أدعوك إلى كذا إلى حضور وليمتي أَوالحضور معنا إلى العمل  أَو الحضور إلى المنزل أَو يدعوه من بعيد حتى يكلمه ] ليس بدعاء عبادة ولا يكون شركا بالله عزوجل لقول النبي صل الله عليه وسلم
 [ من دعاكم فأجيبوه ] وأيضاً يقول النبى صل الله عليه وسلم في حقوق المسلم على المسلم [وإذا دعاك فأجبه ] فبعض الناس يقولون كيف أنا لو قلت [يا فلان أدعوك إلي ] هل هذا دعاء ؟ يجيب البعض ملبسين على الناس نعم هذا دعاء و يقولون : [من دعا مع الله غيره فهو مشرك] يجعلون من هذا اللفظ كفرا والجواب : أن هذا غير صحيح لأن أهل السنة يقسمون الدعاء إلى أقسام
 
القسم الأول : الدعاء للحي فيما يقدر عليه هذا لا بأس به هذا ليس من الشرك لأنَ هذا الدعاء ليس بدعاء عبادة
 
القسم الثانى : أن يدعو الحي في أمر لا يقدر عليه إلا الله هذا كفر وشرك بالله عزوجل لأنه
 إذا دعاه في أمر لا يقدر عليه إلا الله هذا يدل على أنه يعتقد أن له تصرفا وأن له شيئا من الأمر والتدبيروالتصريف يعني مثلا يقول للحي [ أجعل ما في بطن امرأتي ذكراً ] أو يطلب منه زحزحة الجبال أو إنزال المطر أو دفع الرياح أوشيئا من ذلك في الأمور التي لا يقدر عليها إلا
الله هذا شرك أكبر بالله وأيضا دعاء الميت مطلقا بدون تفصيل هذا يعتبر من الشرك الأكبر لأنَه لا يدعو الميت ويطلب منه أي طلب إلا وهو يعتقد أن له تصرفا في الكون وأن له قوة خفية يستطيع أن يلبي من خلالها
إذن فعندنا ثلاثة : الأمر الأول : أن يدعو الحي في أَمر يقدر عليه هذا لا بأس به والأمر الثاني  أنه يدعو الحي في أمر لا يقدر عليه إلا الله فهذا شرك أكبر والأمر الثالث : أنه يدعو الميت دعاء مطلقا  لأن الميت في عالم آخر في عالم البرزخ لا يجوز أن يدعى ومن دعاه بأي أمر من الأمور هذا يدل على أنه يعتقد أن له تصرفا في الكون فلهذا يعتبر مشركاً الشرك الأكبر ويخرج بذلك من الملة نسأل الله عز وجل السلامة والعفو والعافية والحمد لله


هذا والله تعالى أعلى وأعلم

وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه تسليماً كثيراً

الدرس التاسع

الشرح
الخوف من الله عزوجل عبادة جليلة من أجل العبادات وأعظم الطاعات وأعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه عزوجل وربنا تبارك وتعالى أثنى في كتابه الكريم كثيرا على أهل الخوف وعلى أهل الخشية كما قال الله عزوجل {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} ويقول ربنا عزوجل في كتابه الكريم : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} ويقول ربناعزوجل في كتابه الكريم {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}وأيضا يقول عزوجل {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}إذن يوجد أدلة كثيرة في القرآن والسنة في مدح الخائفين والوجلين المشفقين من عذاب الله تبارك وتعالى قد ذكر العلامة ابن القيم أن من أعلى منازل { إياكَ نعبد وإياكَ نستعين } هو منزلة الخوف والخشية من الله تبارك وتعالى واستدل المصنف رحمه الله  بهذه الآية الكريمة على أن الخوف عبادة من العبادات الجليلة التي لا يجوز صرفها لغير الله تبارك وتعالى قال : ودليل الخوف قوله تعالى {فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} أن مطلع هذه الآية {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}يعني يقول ربنا عزوجل {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} أي يخوفكم بأولياءه ويعظمهم في صدوركم ويجعل لهم مكانة ومنزلة في نفوسكم وإنما هذا من نزغات الشيطان وهذا من دسائس الشيطان على عباد الله المؤمنين أنه يعظم أولياءه في نفوس هؤلاء المؤمنين فيقول ربناعزوجل {فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ} يعني : الدليل على كون الخوف عبادة من العبادات الجليلة أن ربناعزوجل أمر أن يفرَد وحده بالخوف وألا يخاف من غيره وكما تقدم معنا في ضابط العبادة أن العبادة هو : [ما أمر الله به ] أي شيء يأمر الله به هذا يدل على أنه عبادة من العبادات فهنا ربنا عزوجل يأمر بأن يُخاف وحده وينهى عن الخوف من أحد غيره هذا يدلنا على أن الخوف عبادة من العبادات الجليلة
وقد قسم أهل العلم الخوف إلى أقسام وأظهر هذه التقاسيم إلى ثلاثة أنواع
القسم الأول : [ خوف السر ] وبعضهم يطلق عليه [ خوف العباده ]هذا النوع صرفه لغير الله  عزوجل يعتبر شركاً ما هو خوف السر أو خوف العبادة ؟ أن الإنسان يخاف من غير الله عزوجل من أن يصيبه بسِره وأنه له قدرة أن يفعل به المكروه وأن ينزل به المصيبة بقدرته ومشيئته يعنى لا يقدر عليها إلا الله يخافها من غير الله وأنه يصل إليه مكروه من غير الله عزوجل إذا غضب
عليه هذا هو [خوف السر ] وبعضهم يسميه [خوف العبادة ] لأنه يتضمن [الذل والخضوع والمحبة واعتقاد النفع والضر] وهذا لا يكون إلا لله عزوجل أن المؤمن والموحد يعتقد أن الذي بيده النفع والضر هو الله عزوجل ولهذا لا يخاف أن يصيبه بسره بدون سبب ظاهر إلا من الله عزوجل يعني لا يخاف من هذا الولي أن يخرج ويطعنه أو يضربه بالسيارة لكن يخاف من هذا الولي أومن هذا الذي يخاف منه بالسر أنه يصيبه بشيء من غيرالأسباب الحسية يعني أنه يخاف إذا غضب عليه هذا الولي مثلا أنه ينزل عليه الكارثة بهدم البيت أو بموت الأطفال أو بمرض مفاجئ أو بعدو يداهمه أو بأي نوع من أنواع المصائب والكوارث والبلايا برغم أن هذا الولي في قبره لكن يعتقد أن له قدرة وأن له تصرف في الكون من حيث النفع والضر فلهذا هو يخاف منه خوف السر ويتضمن هذا النوع من الخوف أنه يخافه ويرجوه ويُذل ويخضع له
هذا الذي يسميه العلماء بــــ : [خوف السر]أو[خوف العبادة] فمن صرف هذا النوع لغيرالله عزوجل فإنه يعتبر مشركاً كافراً كما قال الله عزوجل مخبراً عن أهل الآلهة كيف أنهم يخافون من آلهتهم قالوا لهود : {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} يعني أنهم يخافون من هذه الآلهة أن تمسهم بسوء وظنوا في نبي الله هود عليه السلام أن سبب إنكاره عليهم وسبب شدته عليهم في عبادتهم للأصنام أن آلهتهم أصابته بسوء وبمكروه {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ } فالحاصل أن هذا النوع من الخوف لا يجوز صرفه لغير الله عزوجل ولا يجوز أن يكون من المؤمن من الموحد هذا النوع من الخوف يعني ينزله في غير الله تبارك وتعالى
   النوع الثاني من أنواع الخوف فهو :
[الخوف الطبيعي]
أنه يخاف من سَبع أو يخاف من حية أومن عقرب أومن ظالم يخاف من أمور يخاف منها الجميع قال الله عزوجل عن نبيه موسى عليه السلام  {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} هذا لا بأس بهِ وهذا لا ينقص الإيمان ولا يلام عليه شخص إذا انعقدت أسباب الخوف أما إذا تعدى في ذلك وخاف مما لا يخاف منه هذا مذموم
] والنوع الثالث من أنواع الخوف هو : [الخوف المحرم
وهو الخوف الذي يحمل صاحبه على ترك ما أمر الله به أوعلى فعل ما حرم الله عليه مثلاً : يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أوأنه يخاف فيؤدي إلى ترك صلاة الجماعة أوأنه يخاف فيؤدى إلى أن يدخل على بيته آلات اللهو والطرب خوفاً من لوم فلان أو من إنكار فلان من الناس أو أنه يداهن ويُجالس المغتابين والنمامين أو أهل الغفلة واللهو أو أنه يفعل أمور محرمة ويترك أمور واجبه هذا هو الخوف المحرم الذى لا يجوز ويلام عليه الشخص وهنا يقول الله عزوجل
{فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} أن الخوف من الله عزوجل عبادة ولكن الخوف المطلوب من المسلم أنه يخاف من الله عزوجل خوفا يحمله على ترك ما حرم الله تبارك وتعالى وأنه لا يجوز أن يتجاوز في هذا الخوف إلى أن يصل إلى درجة اليأس والقنوط هذا مذموم كما ذكر العلامة ابن القيم في كتابه[ مدارج السالكين ] [أن الخوف المحمود  والخوف النافع هو الذي يحمل على ترك ما حرم الله عز وجل وقال أثناء الكلام : سمعت شيخنا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول :[الخوف المحمود ما زجرك عن محارم الله]أو بهذا المعنى
أن الخوف الواجب هو الذي يحملك على أداء الفرائض وترك المحرمات فإذا زاد هذا الخوف حتى جعلك تسارع في أداء النوافل وترك المكروهات وترك دقائق المكروهات هذا مستحب وهذا فضل أما إذا زاد الخوف زيادة على ذلك حتى أورث مرضا أو أورث موتا أو أورث غما أو أورث تباطئا فهذا خوف مذموم أن الإنسان يزيد به الخوف من الله عزوجل حتى يمرض أوحتى يحصل له غم دائم أو حتى يموت بسببه نقول : هذا ليس هو المطلوب هذا مذموم لأن الخوف المطلوب أن الإنسان يخاف من الله عزوجل خوفا يحمله على المداومة على فعل الواجبات وفعل المستحبات وعلى ترك المحرمات وترك المكروهات وعلى المسارعة إلى الله عزوجل والطمع فيما عند ربنا تبارك وتعالى هذا هو الخوف المحمود وهذا الخوف النافع أما إذا حصلت المبالغة في ذلك فهذا مما لا يحبه ربنا عزوجل ولا يرضاه أن الإنسان يقنط وأنه ييأس من رحمة الله وأنه يتقاعس عن أداء ما أمر الله وترك ما حرم الله
مثلاً الرجل تكون عنده الأسرة ويكون عنده الأولاد فيحمله خوفه على البقاء في بيته وعلى اعتزال الناس واعتزال الأسرة عدم حضور الجُمع والجماعات عدم القيام بما أوجبه الله عليه من التكسب للأسرة وملاطفة الزوجة والقيام بحقوق الأولاد والقيام بحقوق الأقارب والجيران والأصدقاء والمضي والمسارعة والتعاون على البروالتقوى هذا ليس بخوف محمود بل هذا من نزغات الشيطان وكما يعلم أكثرنا أن للشيطان نزغتان :
[إما إلى إفراط وإما إلى تفريط]
كما ذكر ذلك جماعة من أهل العلم أن ربنا عزوجل ما أمر بأمر إلا وكان للشيطان فيه نزغتان إما إلى إفراط وإما إلى تفريط يعني أن الإنسان إذا لم يخف من الله أعانه الشيطان ودفعه إلى عدم الخوف من الله عزوجل فإذا وفقه ربنا عزوجل للخوف منه فإنه يحاول أن يبالغ وأن يعظم هذا الخوف في قلبه ويجعله متجاوزا للحد حتى يؤدى به إلى أن ينقطع عن العبادة وإلى أنه يبقى فترة على ذلك يترك الخير فهذا ليس بمطلوب فالإنسان عليه أن يعتدل في ما أمر الله

عزوجل به وأن يستقيم على مراد الله عزوجل لأن الاستقامة هي : [ملازمة الطاعة على وفق ومراد ربنا تبارك وتعالى ] 




الشرح

 الرجاء هو :[الطمع في ما عند الله عزوجل أن الإنسان يطمع في ما عند الله تبارك وتعالى ]
رجاء المسلم في أمور لا يقدر عليها إلا الله لا يجوز أن يكون بغير الله تبارك وتعالى أن المؤمن يرجو من غير الله عزوجل في أمور لا يقدر عليها إلا الله يرجو الثواب ويرجو توبة الله ويرجو الرزق ويرجو الزوجة الصالحة يأمل فى الولد الصالح يأمل فى الأرزاق يأمل الصحة والعافية يأمل السلامة من الفتن والبلايا والمحن يأمل الثبات في الدنيا على طاعة الله والنجاة من معصية الله يأمل أن يُثبت فى قبره ويوم بعثه ونشوره وأن يثقل ميزانه وأن يثبت على الصراط وأن يدخل الجنة وأن ينجو من النار وغير ذلك من الأغراض والمصالح التي يرجوها المؤمنون في ربهم عزوجل فمن صرف هذا الرجاء لغير الله وأنزل رجاءه في أمور لا يقدر عليها إلا الله لغير الله تبارك وتعالى هذا يعتبر من الرجاء الذي يخرج صاحبه عن ملة الإسلام ويجعله بذلك كافرا مشركا هذا معنى الرجاء
ما هو رجاء العبادة ؟ [رجاء العبادة ] : أن الإنسان يرجو في أمور لا يقدر عليها إلا الله يرجو هذه الأمور في الله فمن صرفه لغير الله يعتبر  تبارك وتعالى أن الله يعطيه أمله وأنه يبلغه مقصوده
كافراً مشركاً أما الرجاء في أمور يقدر عليها غير الله في غير الله عزوجل هذا لا بأس به أن المسلم يرجو في أخيه أن يعينه على الزواج أو يعينه على البناء اويعينه على رفع المتاع أو يعينه على دفع العدو في أمور يقدر عليها غير الله هذا ليس بدعاء عبادة هذا لا بأس تقول له : أرجوك أن تساعدني في بناء بيتي أو في حمل متاعي أو في سفري أو في أي أمر يقدر عليه المخلوق هذا لا بأس ولهذا نجد أن هؤلاء الذين أشركوا بالله وعبدوا معه غيره ينزلون رجاءهم [رجاء العبادة]في غير الله يطمع من هذا الولي أن يوسع له في رزقه يطمع في هذا الولي أن يدفع عنه عدوه ويطمع في هذا الذي يرجوه أنه يثبته عند سؤال الملكين أو يثبته عند تطاير الصحف أو يدخل برضاه أو بسببه الجنة أو ينجو من النار هذا كله يصدر من هؤلاء القبوريين الذين أنزلوا رجاءهم في غيرالله وخافوا من غير الله تبارك وتعالى

قال ودليل الرجاء قوله تعالى{فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }
{فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} أي أن من خاف لقاء الله وعلم أن له موعدا مع الله وأنه طامع في لقاء الله لأن قوله {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} لقاء الرب عزوجل ذكر جماعة من السلف والخلف أن هذا اللقاء متضمن للمعاينة يعني من كان يرجو ثواب الله ومن كان يرجو حسن العاقبة عند الله عزوجل فعليه ماذا ؟ قال {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً} يعني من كان كذلك فعليه أن يبادر بعمل الأسباب المشروعة ما يمكن أن يرجو الإنسان الخير من الله وهو متقاعس وهو مفرط وهو مقبل على الذنوب هذا غرور وهذا أمنية كاذبة أما الصادق وأما المرجوحقا فهو الذي يرجو الخير ويعمل بأسبابه تريد الجنة تعمل بأسبابها تطمع في رحمة الله عزوجل عليك أن تعمل بالأسباب التي توصلك إلى نيل رحمة الله عزوجل هؤلاء هم الذينَ حقا يصلون إلى مرادهم وإلى مقصودهم كم قال ربنا عزوجل في كتابه الكريم {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ}وأيضا يقول ربناعزوجل {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ}ويقول ربنا عزوجل
{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ}
يعني هؤلاء الذين سارعوا إلى مرضاة الله عزوجل هم يرجون رحمةَ الله ويأملون الأمن من عقاب الله عزوجل لهذا الرجاء المحمود هو أن يعمل الإنسان بطاعة الله يرجو مغفرة الله فيبادر إلى  
أداء ما فرض الله وترك ما حرم الله عليه قال الله عزوجل {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً} يعني العمل الصالح هو الذي يتوفر فيه شرطى [الإخلاص والمتابعة للنبي صل الله عليه وسلم ]
ما هو العمل الصالح ؟ هو الذي أخلص فيه صاحبه لله عزوجل وأيضا تابع فيه نبيه محمدا صل الله عليه وعلى آله وسلم
قال
{وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً } فيه النهي عن الشرك بالله عزوجل وهذا يدلنا على أن أعظم الأمور وأوجب الواجبات إخلاص الدين لله تبارك وتعالى وحده
{وَلاَ يُشْرِكْ} فعل مضارع دخلت عليه لا الناهية فيفيد العموم لا يشرك إشراكا بالله عزوجل يشمل قليل الشرك وكثيره وكبير الشرك وصغيره {وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} العبادة هي الغاية من خلق الخلائق كما ذكر بعض العلماء إلى قول ربناعزوجل{وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ}ولم يقل {ولا يُشْرِك بعبادةِ اللهِ }وإنما قال{وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ} إشارة إلى أن الله عزوجل هو المستحق وحده للعبادة لأنه هو الرب وتقدم معنا أن من معاني الرب أنه الخالق و الرازق والمدبر و المحيي والمميت فهو وحده الذي يستحق العبادة عزوجل
{فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}كقوله عزوجل {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}ما قال{ اعبدوا اللهَ } ثم ذكر مقتضيات هذه الربوبية وأفعال الربوبية {الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا} إلى أخر الأية فلهذا يقول{ وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}{ أَحَدًا}نكرة فى سياق النهى فتفيد العموم ففيه النهى عن الإشراك بالله عز وجل كائنا من كان سواء كان ملكا أوجنيا أو نبيا   أو صالحا أو طالحا أو شجر أو حجر

هذا والله تعالى أعلى وأعلم
وصل الله وسلم على نبينا وسيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى أله وصحبه 





12/05/2016

البركة



في تحايتنا وفي دعواتنا عبارات تستحق التأمل كلمات نرددها كل يوم فيما بيننا وفي صلواتنا كلمات جمعت 
خير الدنيا والآخرة وسعادة الحال إنها الدعاء بالبركة
يلقى المسلم أخاه فيقول له: [ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ] فهل تأملنا معنى الدعاء بالبركة؟ 
وفي صلاتنا ندعو: [ وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم ] وفي دعاء قيام الليل: [ وبارك 
لي فيما أعطيت ] ونقول للزوجين: [ بارك الله لكما وبارك عليكما ]
فما حقيقة هذه البركات؟ الإنسان وهو يسير في هذه الدنيا يطمع أن يزداد في وقته وعمره وماله وأبنائه 
وجميع محبوباته التي هي السعادة لديه والمسلم يدعو الله عزوجل أن يبارك له وقد كان النبي صل الله 
عليه وسلم يدعو بالبركة في أمور كثيرة

أصل البركة
البركة: النماء والزيادة وكثرة الخير يقال: [ باركه الله وبارك فيه وبارك عليه وبارك له ]
المبارك: الذي قد باركه الله تعالى قال سبحانه { وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ } [الأنبياء: 50] وذلك لكثرة 
خيره ونفعه ووجود البركة فيه
البركة : كلها من الله فإن المولى تبارك وتعالى هو الذى تبارك وحده وكل ما نسب إليه مبارك فكلامه 
مبارك ورسوله مبارك وعبده المؤمن النافع لخلقه مبارك وبيته الحرام مبارك وبارك المسجد الأقصى وما 
حوله
والله تعالى يقال في حقه تبارك
أي: تعالى وارتفع وتقدس وتمجد ولا يقال تبارك في حق أحد غير الله تعالى تبارك في ذاته وبارك من شاء 
من خلقه كما يقال: [ تعاظم وتعالى ] فهو دليل على عظمته وكثرة خيره واجتماع صفات الكمال فيه وأن كل 
نفع في العالم فهو من نفعه ومن إحسانه سبحانه وتعالى فهو ذو العظمة والجلال وعلو الشان
قال تعالى: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1] وقال سبحانه
{ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير } [ الملك : 1 ] وقال سبحانه { تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا} [ الفرقان : 61 ] وقد يجعل اللهُ بعض خلقه مباركا فيكثر خيره ويعظم 
أثره وتتصل أسباب الخير فيه وينتفع الناس منه كما قال عيسى عليه السلام {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ}
 [مريم: 31 ]
والبركة هي :
البركة فضل الله يأتي للإنسان من حيث لا يحس ولا يحتسب، فكل أمر تشاهد فيه زيادة غير محسوسة يقال: 
[ مبارك وفيه بركة ] البركة هبة من الله وإذا بارك الله في العمر أطاله على طاعته أو جمع فيه الخير الكثير وإذا بارك الله الصحةَ حفظها لصاحبها وإذا بارك في المال نماه وكثره وأصلحه ووفق صاحبه لصرفه في أمور الخير وأبواب الطاعة وإذا بارك الله في الأولاد رزق بِرهم وهداهم وأصلحهم وإذا بارك الله في الزوجة أقر بها عين زوجها إن نظر إليها سرته وإن غاب عنها حفظته وإذا بارك الله في العمل امتد أثره وعظم نفعه وما بارك الله الأعمال بمثل الإخلاص لله ومتابعة النبي صل الله عليه وسلم قال ابن القيم رحمه الله [ وكل شيء لا يكون لله فبركته منزوعة فإن الله تعالى هو الذي تبارك وحده والبركة كلها منه ]
وكم رأى الناس من بركة الله في الأشياء والأوقات والأقوال والأعمال والأشخاص فيكثر القليل
 ويعم النفع ويتصل الخير وتتم الكفاية ويعلو الرضا وتطيب النفوس
ومن تأمل في حال الصالحين والأخيار من العلماء وطلبة العلم والعباد يجد البركة ظاهرة في أحوالهم فنجد الرجل منهم دخله المادي في مستوى الآخرين لكن الله بارك في ماله فلا نجد مثلا : مصاريف ينفقها دون فائدة فهو مستقر الحال لا يطلبه الدائنون ولا يثقله قدوم الزائرين والآخر: بارك الله في ابنة وحيدة يخدمه ويقوم بأمره وأنجب له أحفادا هم قرة عين له والثالث: تجد وقته معمورا بطاعة الله ونفع الناس وكأن ساعات يومه أطول من ساعات وأيام الناس العادية ونتأمل في حال الآخرين ممن لا أثر للبركة لديهم فهذا يملك الملايين لكنها تشقيه بالكد والتعب في النهار وبالسهر والحساب وطول التفكير في الليل والآخر: له من
 الولد عشرة لكنهم في صف واحد أعداء لوالدهم والعياذ بالله لا يرى منهم برا ولا يسمع منهم إلا شرا ولا 
يجد من أعينهم إلا سؤالا واحدا متى نرتاح منك؟
وأما البركة في العلم فجلية واضحة البعض زكى ما لديه من العلم وهو قليل فنفع الله به مدرسا
أوداعية أو موظفا أوغير ذلك وضدهم من لديه علم كثير لكن لا أثر لنفع الناس منه
والبركة إذا أنزلها الله عزوجل تعم كل شيء: في المال والولد والوقت والعمل والإنتاج والزوجة والعلم والدعوة والدار والعقل والجوارح والصديق ولهذا كان البحث عن البركة مهما وضروريا

في سير العظماء عبر من البركات وقد كانوا بشرا من الناس ولكن الله بارك في أعمالهم وأعمارهم 
1 ــ أشرف الخلق محمد صل الله عليه وسلم كان يومه يوما مباركا وقد عم نفعه بركته ولا زالت إلى أن يرث 
الله الأرض ومن عليها مع أن دعوته لم تتجاوز ثلاثا وعشرين عاما
2 ــ كانت خلافة أبي بكر رضي الله عنه سنتين وأشهر ومع ذلك حقق فيها ما يحتاج إلى عقود
3 ــ وفي العلم ترى من العلماء عجبا فهذا الإمام الشافعي رحمه الله توفي وهو في سن الرابعة والخمسين
4 ــ  وهذا الطبري والنووي وابن تيمية وغيرهم تركوا لنا إرثا من العلم والكتب وليس ذلك إلا إعانة من الله 
وبركة جعلها في أوقاتهم وفي آثارهم

كيف نستجلب البركة؟
أولا: تقوى الله عزوجل
هى مفتاح كل خير قال تعالى: { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }
 أي من جهة لا تخطر على باله ويقول ربنا عزوجل { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ
 مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96 ]
الإيمان والتقوى والعمل الصالح سبب البركة والرزق والطمأنينة والرضا يقول الله عزوجل { وَمَنْ أَعْرَضَ 
عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [ طه: 124 ] وأيضا البركة سبب محق الذنوب والمعاصي وبالبركةَ
 تُمحق تنغص العيش وتضيق الأرزاق يقول عزوجل { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا 
رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} 
[النحل: 112 ]
عرف العلماء التقوى:
بأن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله  و تخاف عقاب الله
قيل لأحد الصالحين: [ إن الأسعار قد ارتفعت قال: أنزلوها بالتقوى ]
وقيل لرجل من الفقهاء: { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }
فقال الفقيه: والله إنه ليجعل لنا المخرج وما بلغنا من التقوى ما هو أهله وإنه ليرزقنا وما اتقيناه وإنا لنرجو الثالثة: { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا }
فالإعراض عن الله سبب الشقاء الذي يشكو منه الأفراد

ثانيا : قراءة القرآن
 فإنه كتاب مبارك وهو شفاء لأمراض القلوب ودواء لأمراض الأبدان {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} والأعمال الصالحة مجلبة للخير والبركة
اللهم بارك لنا في القرآن العظيم واهدنا صراطك المستقيم

ثالثا : الدعاء
 فقد كان النبي صل الله عليه وسلم يطلب البركة في أمور كثيرة فقد علمنا أن ندعو للمتزوج فنقول: 
[ بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير] [رواه الترمذي] وكذلك الدعاء لمن أطعمنا[ اللهم بارك
 لهم فيما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم] [رواه مسلم] وغيرها كثير
فالدعاء للنبي صل الله عليه وسلم بقولنا[وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم ] 
يتضمن إعطاءه من الخير ما أعطاه لآل إبراهيم وإدامته وثبوته له ومضاعفته له وزيادته وقد قال تعالى
في إبراهيم وآله { وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ} [الصافات: 113] وقال تعالى في إبراهيم وأهل بيته{ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73 ]
فاللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وارض اللهم عن صحابة
 رسولك أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين


رابعا : الصدق في المعاملة من بيع وشراء
عن حكيم بن حِزام رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال[ البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما] [ رواه مسلم ]
وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما ذكر النبي صل الله عليه وسلم أصول المعاصي الماحقة للبركة والجالبة للفقر والبلاء والضنك وهي: انتشار الفواحش ونقص المكاييل والموازين ومنع الزكاة ونقض العهود وخيانة الأمانة وتحكيم غير شرع الله
فهل يعي ذلك التجار والمتبايعون؟ هل يعي ذلك من لا يتورع عن الغش وأخذ الرشوة ونقض العهود والتلاعب بالعقود؟ هل يعي ذلك دعاة الرذيلة والانحلال ممن يشيعون الفاحشةَ في الذين آمنوا؟

خامساً : إنجاز الأعمال في أول النهار
 التماسا لدعاء النبي صل الله عليه وسلم فقد دعا عليه الصلاة والسلام بالبركة في ذلك فعن صخر الغامدي عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال[اللهم بارك لأمتي في بكورها][رواه أحمد]
قال: فكان رسول الله إذا بعث سرية بعثها أول النها وكان صخر رجلا تاجرا وكان لا يبعث غلمانه إلا من أول النهار فكثر ماله حتى كان لا يدري أين يضع ماله
قال بعض السلف: عجبت لمن يصلي الصبح بعد طلوع الشمس كيف يرزق؟


سادساً: إتباع السنة في كل الأمور
فإنها لا تأتي إلا بخيرومن الأحاديث في ذلك قوله صل الله عليه وسلم [ البركة تنزل وسط الطعام
فكلوا من حافتيه ولا تأكلوا من وسطه] [ رواه البخارى ]
وعن جابر بن عبد الله قال: أمر رسول الله صل الله عليه وسلم بلعق الأصابع والصحفة وقال:
 [ إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة ] [رواه مسلم]

سابعاً : حسن التوكل على الله عز وجل
{ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } [الطلاق: 3] وقال صل الله عليه وسلم [لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا] [رواه أحمد]



ثامناً: استخارة المولى عز وجل
 في الأمور كلها والتفويض والقبول بأن ما يختاره الله عز وجل لعبده خير مما يختاره العبد
 لنفسه في الدنيا والآخرة وقد علمنا النبي صل الله عليه وسلم الاستخارة: [ إذا هم أحدكم
 بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم فإن
 كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجله وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجله وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به ]

تاسعاً: ترك سؤال الناس
 قال صل الله عليه وسلم  [ من نزل به حاجة فأنزلها بالناس كان قمنا أن لا تسهل حاجته ومن أنزلها بالله تعالى أتاه الله برزق عاجل أو بموت آجل] [رواه أحمد]

عاشراً الإنفاق والصدقة
 فإنها مجلبة للرزق كما قال تعالى :{ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ] [سبأ: 39 ]
وفي الحديث القدسي قال الله تبارك وتعالى [ يا ابن آدم أنفق أُنفق عليك] [رواه مسلم]

الحادى عشر: البعد عن المال الحرام
بشتى أشكاله وصوره فإنه لا بركة فيه ولا بقاء وتعاطي الربا فالربا يمحق البركة ينزع الخير والآيات في ذلك كثيرة منها { يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ } [البقرة: 276] وغيرها كثير
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أَن رسول اللَّه صل اللَّه عليه وسلم قال [ لن يدخل الجنةَ لحم نبت من سحت ] أي : من حرام [ أخرجه الترمذي ]

الثانى عشر: شكر الله عزوجل
الشكر والحمد لله على عطائه ونعمه علَى إحسانه فالشكر دليل الرضا وعنوان الزيادة قال الله سبحانه وتعالى 
{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } [ إبراهيم : 7] وقال { وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } [أل عمران 144 ] وقد أرشدنا النبي صل الله عليه وسلم إلَى كيفية الشكر فقال صل الله عليه وسلم [ من قال حين يصبح 
اللهم ما أصبح بى من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر ] فقد أدى شكر يومه ومن قال مثل ذلك حين يمسى فقد أدى شكر ليلته وكان من دعاء النبي صل الله عليه وسلم [ اللهم إنى أسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك ]  

الثالث عشر: أداء الصلاة المفروضة
 الصلاة هي عمود الإسلام وهي أعظم الواجبات والفرائض بعد الشهادتين قال تعالى:
 {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ}[البينة : 5 ]
وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال [ أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه ] قالوا [ لا يبقى من درنه شئ ] قال
 [ فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا ] [ متفق عليه ]

الرابع عشر: المداومة على الاستغفار
فإنما تذهب البركة أو تنقص بسبب الذنوب والاستغفار يدفع تلك الأسباب التي من شأنها إنقاص البركة أو إذهابها يقول الله تبارك تعالى: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا} [ نوح: 10-12]  
اللهم بارك لنا فيما أعطيتنا واجعله عونا على طاعتك


هذا والله تعالى أعلى وأعلم
وصل الله وسلم على نبينا محمد وأله وصحبه أجمعين