اللسان هو عضلة صغيرة فى جسم الإنسان وبالرغم من صغر حجم هذه العضلة
إلا أنها
تصنع الكثير من الأعمال فهى قد تمزق وتفرق بين الناس أو تجمع وتقرب بينهما
وأيضاً هذه
العضلة وهى ( اللسان ) قد تكون سبب فى سعادة
الإنسان أو شقاؤه فى الحياة الدنيا وهى أيضاً سبب فى زيادة الحسنات ورفع الدرجات
أو كسب السيئات
اللسان
من النعم التى أنعم الله عز وجل علينا بها وبالرغم من أنه أفضل النعم حيث إننا
ننطق الشهادتين به وهم أساس التوحيد بالله وهو بذلك يكون لسان الخير الذى ينطق
بالخير ولا يتوقف عن ذكر الله وحمد وشكر الله سبحانه وتعالى على نعمه الكثيرة التى
أنعم بها علينا وأيضاً ينطق بالحكمة والموعظة الحسنة
الكثير
منا فى غيبة عن هذه النعمة وعن حقيقة اللسان ويستخدمون
ألسنتهم فى الشر وهذا يكون لسان الشيطان الذى لا ينطق إلا بما يمليه عليه الشيطان
من غيبة ونميمة وبهتان وسب وقول الزور ونشر الفتن والكثير من الكبائر التى نهانا
المولى عز وجل عنها وعن فعلها فحين يحسن الإنسان حديثه مع الأخرين وينتقى كلماته
ولا يتحدث
إلا بأطيب
القول وما ينفع وينطق بما يعنيه ويذكر الله بلسانه كان ذلك سبباً لسعادته وفلاحه
لانه حفظ لسانه
عن الوقوع فى أعراض الناس والغيبة والنميمة التى تُعد من كبائر الذنوب التى نهانا الله عن
فعلها فقد صور المولى عزوجل من يفعل ذلك بأبشع الصور مما يدل على بشاعة الفعل
وقباحته قال عز وجل { يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ
إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ
أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ } [ سورة الحجرات : 12 ]
جاء رجل إلى النبى صل الله عليه
وسلم فقال :[ يارسول الله أوصنى فقال عليه الصلاة والسلام :
أحفظ لسانك قال : يارسول الله أوصنى قال عليه الصلاة والسلام : أحفظ لسانك قال :
يارسول الله أوصنى قال عليه الصلاة والسلام : أحفظ لسانك ويحك وهل يُكب الناس على
مناخرهم فى النار إلا حصائد ألسنتهم ]
فمن هنا نقول أن النجاة فى حفظ اللسان
كما ورد عن النبى صل الله عليه وسلم [
نجاة المؤمن حفظ لسانه ] وعلى الإنسان أن يضع أمام عينيه قبل أن يتلفظ ويترك العنان
للسانه أن يغتاب وينم ويقول بُهتان ويشهد بالزور ويسب وغيرهم من معاصى اللسان قول
المولى عز وجل {مَا يَلْفِظُ مِن
قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ سورة ق : 18 ] فكل من يتحاور عليه أن يتذكر هذه الأية ويُدرك
ما يقول قبل فوات الأوان فالملك يكتب كل شئ حتى أنين المريض فى مرضه فقبل أن نتكلم
يجب أن نسأل أنفسنا ما غايتنا من هذا القول ؟ أهو رضا
الله عزوجل أم هوى النفس ؟ هل سيكون فى ميزان الحسنات أم السيئات ؟
معاصى اللسان
[ الغيبة ــ البهتان ــ النميمة ــ
الكذب ــ اليمين الكاذب ــ قذف المسلم بالزنا
شهادة الزور ــ الظِهار ]
الغيبة
كما قال
النبي صل الله عليه وسلم [ ذكرك أَخاك بما يكره ولو كان فيه][ رواه مسلم وابوداود
]
أى ذكر أخاك
المسلم حياً كان أو ميتاً من خلفه بما فيه وبما يكره
النميمة
نقل الكلام
من شخص إلى أخر بقصد الإفساد بينهم قال عز وجل { هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ } [ سورة
القلم : 11 ] وقال رسول الله صل الله عليه وسلم [ لا يدخل الجنة قتات ]
أى نمام
وهاتان
الصفتان من أكبر ما يفرق بين المجتمعات ويمزق وحدتهم ويملأن
القلوب من [ غيظ وحقد وكراهية ] لذلك نهانا الله
عز وجل عنهما وأمرنا بالنطق بأطيب الكلام وأحسنه بداية من الدعوة إلى التوحيد وفى
شتى المجالات لأنه مقبول ومستجاب ومثال على ذلك
حين أرسل
المولى عز وجل موسى عليه السلام وأخاه هارون إلى الطاغية الكافر المتكبر فرعون لدعوته
إلى دين الله أمرهما أن يدعواه بالقول اللين قال عز وجل { اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ
طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } [
سورة طه : 43 44 ]
المولى
عزوجل أمر نبياه بالقول اللطيف واللين والأدب مع كافر متكبراً
أذن فمن الأولى والبديهى للعقل أن يتعامل المسلمين فيما بينهما معاملة جيدة حسنة
وينبغى
على كل مسلم
أن يتحلى بالأخلاق الحميدة فى الإسلام والتى علمنا إياها النبى الكريم صل الله
عليه وسلم وأن يكون رقيب على لسانه ويقول الصدق ويحاسب نفسه عن
كل ما يتلفظ
به فعلينا بالإبتسامة فى وجه بعضنا فإبتسامة المسلم فى وجه أخيه المسلم صدقة
البهتان
هو ذكر
المسلم أخيه المسلم بما ليس فيه وهو أشد فى التحريم فعلى المسلم أن يتحرى الصدق فى
كل ما ينطق به لسانه قال رسول الله صل الله عليه وسلم [عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر
وإن البر يهدي إلى الجنة ]
الكذب
أى نقول
الكلام بخلاف الحقيقة قال صل الله عليه وسلم [ لا يصلح الكذب فى جد أو هزل ولا أَن يعد
أَحدكم ولده شيئاً ثم لم ينجز له ] أى لا يصلح الكذب
لا فى جد أو مزاح حيث أنه يـجر إلى وضع أكاذيب ملفقة على أشخاص معينين يؤذيهم
الحديث عنهم كما أنه يعطي ملكة التدرب على اصطناع الكذب وإشاعته فيختلط في المجتمع
الحقّ بالباطل والباطل بالحقّ وقال عليه الصلاة والسلام [وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور
وإن الفجور يهدي إلى النار،
وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ]
اليمين
الكاذب
أى الحلف
بالله كذباً وهو من كبائر الذنوب لما فيه من تهاون بتعظيم أسم الله إن اليمين
بالله عز وجل أمر خطير،ولا ينبغي للمسلم أن يتساهل في شأن اليمين ويكثر منه من
غير داع إلى ذلك بل ينبغي للمؤمن عدم الحلف إلا
عند الحاجة ولا يحلف على صدق
وعلى بر والله عز وجل يقول: {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ
مَّهِينٍ} [سورة القلم: آية 10] يعني: كثير الحلف
وكثرة الحلف من صفات المنافقين وقد أخبر أنهم يحلفون على الكذب وهم
يعلمون فينبغي للمؤمن أن يبتعد عن كثرة الحلف
والأيمان وأن لا يعود لسانه ذلك
لأنها
مسؤولية كبيرة
قذف
المسلم بالزنا
أى تنسب
إنساناً بالزنا أو نفى نسب كقول إبن الزانى أبن الزانية أو يا زانى وأن
القذف بجريمة الزنا أو اللواط كبيرة من كبائر الذنوب يجب على المسلم أن يُطهر
لسانه منه
وأن يحترم أعراض المسلمين ولا يخوض فيها
شهادة
الزور
أى يشهد كذباً والزور: هو الميل وقول الزور: هو
كل قول مائل عن الحق فالكذب زور والشهادة بالباطل زور وإن ادعى الإنسان ما ليس له
زور فهذه كلمة تشمل كل كلام باطل ومائل عن الحق وقد بين النبي صل الله عليه وسلم أن
شهادة الزور من أكبر الكبائر قال: [ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً قالوا: بلى يا رسول الله قال: الإشراك بالله وعقوق
الوالدين وجلس وكان متكئاً فقال: ألا وقول الزورألا وقول الزور ألا وقول الزور ]
الظِهار
هو أن يشبه
الرجل زوجته بامرأة محرمة عليه على التأبيد أو بجزء منها يُحرم عليه
النظر إليه كالظهر أو البطن أو الفخذ كأن يقول
لزوجته : أنت علي كأمي أو أختي
أو بنتي ونحو ذلك أو يقول: أنت علي كظهر أمي أو كبطن
أختي أو كفخذ بنتي ونحو
ذلك أو
يقول: أنت علي حرام كظهر أمي أو كأمي أو كبنتي ونحو ذلك
والظهار محرم لأنه منكر من القول وزور ويجب على
من ظاهر من زوجته أن يكفر كفارة الظهار قبل الوطء فإن وطئ قبل التكفير فهو آثم
وعليه الكفارة وعليه التوبة والاستغفار من قوله وفعله
قال الله
تعالى: {
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى
اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ
بَصِيرٌالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ
أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ
لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ
غَفُورٌ } [المجادلة : 1 2 ]
إذن
فعلينا أن نتذكر أن سعادة المرء وتعاسته فى لسانه فإن أستطاع
أن يتحكم
فى لسانه فإنه سوف يتحكم فى سعادته فى الدارين وحتى
يحظى الإنسان بالقبول والمحبة من جميع من هم حوله ويشعر بالسعادة
بعض النقاط التي أرجو أن تكون نافعة إن شاء الله
ــ أن يكون
الإنسان بشوشا مبتسما فالابتسامة في وجه أخيك صدقة وتفتح
لك القلوب
ــ أن يتحلى
بأدب المجلس من إلقاء التحية الإفساح في المجلس احترام الكبير ألا ينفرد
فى المجلس
بالحديث ويدع المجال للآخرين ليتحدثوا
ــ سؤال
الآخرين عن أحوالهم والاحتفاء بهم وتقديم المساعدة لهم إن احتاجوا لذلك
ــ تحري
الصدق في كل ما يقول وينطق كما بالحديث: [ ما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله
صِديقاً ]
ــ عـدم
التدخل فيما لا يعنينا والتدخل فى شئون الآخرين كما في الحـديث: [ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ]
[ رواه مسلم ]
ــ مراقبة أنفسنا
وألسنتنا واستشعار أن الله مطلع على الإنسان ومحيط بكل ما
يقول وينطق ونتذكر
دائما أن وجود ملكين يسجلان ويكتبان كل ما يقول إن استحضار ذلك دائما يدفع الإنسان
إلى فعل الخير وإلى ما يرضي الله عنه ويدعوه إلى ترك المعاصي وكل ما يغضب الله
ــ
التقرب إلى الله كلما تقرب العبد لربه بالطاعات والأعمال الصالحه نال رضا الله
ومحبته وجعل الله له القبول في الأرض وألقى محبته في قلوب الخلق
ــ حسن الظن
بالآخرين وألا ينشغل إلا بنفسه لأن المرء حينما يشغل نفسه بمراقبة الآخرين
وانتقادهم يغفل عن نفسه وعيوبه وقبل أن ينتقد الإنسان الآخرين لا بد أن يرى عيوبه
ويسعى لإصلاحها وحتى لو واجه النقد فليتقبله بكل رحابة صدر فإن تقبل النقد قد يكون
صعبا بعض الشيء خاصة حينما يكون نقدا لاذعا خاليا من الأسلوب الجيد لكن العاقل من
يستمع إليه مهما كان الأسلوب الذي جاء به ويسعى للإصلاح والتقويم كما قال عمر بن
الخطاب -رضي الله عنه-: [ رحم الله من أهدى إلى عيوبى ] لأن
المحب
الحقيقي الناصح لك هو الذي يوجهك وينبهك عند وقوعك في الخطأ ويؤيدك على الصواب
والفعل الحسن وجميل أن نجعل نقد الآخرين بمنزلة الموج الذي يدفعنا إلى الأمام وأن
نرتقي بأنفسنا وأخلاقنا وذواتنا إلى معالي الأمور
ــ أن نتذكر
أن سعادة المرء وتعاسته في لسانه فكلما كانت كلماتك لطيفة ومهذبة ومؤدبة كسبت بذلك
ودّ من حولك وحبهم واحترامهم وازدادوا شوقا إلى حديثك وسماع كلامك وكلما كان
اللسان طويلا غير مهذب بذيئا كسبت نفور من حولك وفقدت احترامهم لك وكرهوك وكرهوا
مجالستك تفاديا لسماع حديثك وكلامك
ــ الدعاء:
الدعاء شأنه عجيب وقد سمعنا في ذلك قصصا كثيرة فلا يغفل الإنسان
عن الدعاء
بأن يطهر الله لسانه من الكلام الفاحش البذيء ومن الغيبة والنميمة
وأن يطهر
قلبه من الحقد والحسد والنفاق
ــ ذكر
الله: علينا بكثرة ترطيب اللسان بذكر الله وتعويده عليه ولا أسهل من ذكر الله
ولا أعظم
أجرا منه وحينما يعتاد الإنسان الكلام الطيب وأن يُكثر من ذكر الله يخشى
أن ينطق لسانه بالسؤ ولا يذكر بلسانه شئ بذئ بعد
ذكر الله
إذن فعلى
الإنسان أن يقول الخير ويجعل لسانه لسان خير فإن نطق اللسان بالخير غنم
وإن نطق
بالشر خسر
اللهم أجعل ألسنتنا رطبه بذكرك
اللهم طهر ألسنتنا من الكذب والغيبة
والنميمة وقلوبنا من النفاق والغل والغش
والحسد والكبر والعجب وأعمالنا من الرياء والسمعة وبطوننا من الحرام والشبهة وأعيننا من الخيانة
هذا والله تعالى أعلى وأعلم
وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق