1/24/2017

شرح كتاب التوثيق لبداية المتفقه

الدرس الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله رب العالمين وصل الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
لعلي في بداية هذا اللقاء أن أذكر نفسي وإياكم بفضل ومكانة العلم بقول النبي صل الله عليه وسلم
 [ من يُرد الله به خيرا يفقهه في الدين] فطريق العلم هو طريق الأنبياء وهو طريق المرسلين عليهم أفضل الصلاة وأتم السلام وحملة العلم الذين ينشرونه بين الناس ويعلمون الناس كلام الله وكلام رسوله صل 
الله عليه وسلم هم ورثة الأنبيا وكفى بهذا شرفا وكفى بهذا فضلا وكفى بهذا منزلة وهذا فضل الله عزوجل  نسأل الله أن يُعطينا من فضله وأن لا يحرمنا من جوده وكرمه إنه سبحانه وتعالى جواد كريم فالعلم الشرعي بشكل عام من أعظم القربات وأجل الطاعات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه سبحانه وتعالى فما تقرب عبد 
إلى الله جل وعلا بعد توحيده وأداء الفرائض بمثل ما تعبد به أهل العلم بتقربهم إلى الله جل وعلا بهذا العلم تعلما وتعليما ونشرا وبيانا للحق الذي أخذه الله جل وعلاعلى أهل العلم ولهذا نجد أن القرآن الكريم في آياتٍ كثيرةٍ يبين الله سبحانه وتعالى لنا فضل العلم ومكانة أهله والله عزوجل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يزداد وأن تكون الزيادة من العلم فقال سبحانه وتعالى ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه 11 ]
اطلب العلم استعن بالله واطلب العون منه تجد التسديد والتأييد بإذنه سبحانه وتعالى ولهذا                  
يقولون [ إذا لم يكن من الله عون للفتى فأول ما يُقضى عليه إجتهاده ]
لابد أن يصبر العبد لا بد أن يتفرغ حتى يكون طالب علم وحتى يكون عالما في مستقبل الأيام
لا ينفع أن يخلط مع العلم أمور أخرى يجب أن يكون الذهن صافي للعلم الشرعي حتى يستطيع الإنسان أن يستوعب هذا العلم وأن يفهم هذا العلم قد تمر بك مسائل فتُغلق عليك ويفتحها الله على غيرك فليس معنى هذا أنك بليد الذهن وهو قوي الذهن ولكن لأن الله ابتلاك بهذا الأمر لترجع إلى ربك وتخضع وتنقاد لخالقك ومولاك سبحانه وتعالى فتقول [ اللهم يا معلم إبراهيم علمني ويا مفهم سليمان فهمني ]

النوايا التى ينويها طالب العلم
1 ينوى أن يتعلم العلم ليعبد الله على بصيرة قال الله تعالى ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّه عَلَى بَصِيرَة أَنَا 
وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّه وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [ يوسف 108 ] 
ينوى أن يتعلم لأن طلب العلم عبادة فقد جاء في الحديث عن أبي الدرداء كما في سنن أبي داود أن 
النبي صل الله عليه وسلم قال [ من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ]
3 ـ ينوى أن يتعلم لكى تصيبه دعوة رسول الله لمستمع العلم وحامله ومبلغه فقد روى الترمذي  
وقال حسن صحيح عن عبدالله بن مسعود قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول 
[ نضَر الله امرأً سَمِع منا شيئا فبلغه كما سَمِع فرُبَ مبلَغ أوعى من سامع ]  
  4 ينوي أن يتعلم العلم لكي يرفعه الله به درجات قال  تعالى ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا 
الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [ المجادلة 11 ]
  5 ينوي أن يتعلم العلم لكي يصل إلى مقام الخشية من الله سبحانه قال تعالى ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ 
عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ [فاطر 28 ]
ينوي أن يتعلم العلم لكي يأخذ ثواب مجالس العلم فقد روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صل
 الله عليه وسلم  [ وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه
بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشِيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكَرهم الله فيمن عنده ومن 
بطأ به عمله لم يسرع به نسبُه ]
7  ينوي أن يتعلم العلم لتضع الملائكة أجنحتها له رضا بما يصنع فقد روى الترمذي عن زِرِ بن حُبيش قال
 [ أتيت صفوان بن عسال المرادي أسأله عن المسح على الخفين فقال: ما جاء بك يا زِر؟ فقلت: ابتغاء
 العلم فقال: [ إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب ] فقلت: [ إنه حك في صدري المسح على الخفين بعد الغائط والبول وكنت امرأ من أصحاب النبي صل الله عليه وسلم فجئت أسألك: هل 
سمعته يذكر في ذلك شيئا؟ ] قال: [ نعم كان يأمرنا إذا كنا سفرا أو مسافرين ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم] فقلت: [ هل سمعته يذكر في الهوى شيئا؟ ] قال: [ نعم 
كنا مع النبي صل الله عليه وسلم في سفر فبينا نحن عنده إذ ناداه أعرابي بصوت له جهوري] : [ يا 
محمد ] فأجابه رسول الله صل الله عليه وسلم نحوا من صوته [ هاؤم ] فقلنا له: [ ويحك  اغضض 
من صوتك فإنك عند النبي صل الله عليه وسلم وقد نُهيت عن هذا] فقال: [ والله لا أغضض ] 
قال الأعرابي: [ المرء يحب القوم ولما يلحق بهم ] قال النبي صل الله عليه وسلم [ المرء مع من أحب 
يوم القيامة ] فما زال يحدثنا حتى ذكر بابا من قبل المغرب مسيرة سبعين عاما عرضه أو يسير الراكب 
في عرضه أربعين أو سبعين عاما قال سفيان: قِبَل الشام خلقه الله يوم خلق السموات والأرض مفتوحا 
( يعني للتوبة ) لا يغلق حتى تطلع الشمس منه ] 
8  ينوي أن يتعلم العلم لكي يكون من خيار الناس وأكرمهم عند الله ففي الصحيحين عن أبي هريرة   
 قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم [  من أكرم الناس؟ قال : أكرمهم أتقاهم ]  قالوا 
[ يا نبي الله ليس عن هذا نسألك ] قال[ فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله ] قالوا[ ليس عن هذا نسألك] قال[ فعن معادن العرب تسألونني؟ ] قالوا [ نعم ] قال 
[ فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فَقُهوا  
  9 ينوي أن يتعلم العلم لأنه أفضل من نوافل العبادات قال قتادة: قال ابن عباس [ تذاكرُ العلم ليلة أحب
 إلي من إحيائها ] قال إسحاق بن منصور: [ قلت لأحمد بن حنبل: أي علم أراد؟ قال: هو العلم الذي ينتفع 
به الناس في أمر دينهم قلت: في الوضوء والصلاة والصوم والحج والطلاق ونحو هذا؟ قال: نعم، قال 
إسحاق بن منصور: وقال إسحاق بن راهويه: هو كما قال أحمد ] 
وروى ابن عبدالبر بسند صحيح عن الزهري قال [ ما عُبِد الله بمثل الفقه ]
وروى ابن عبدالبر بسند صحيح عن ابن وهب قال [  كنت عند مالك بن أنس فجاءت صلاة الظهر 
أوالعصر وأنا أقرأ عليه وأنظر في العلم بين يديه فجمعت كتبي وقمت لأركع فقال لي مالك: ما هذا؟ قلت: 
أقوم للصلاة قال: إن هذا لعجب فما الذي قمت إليه بأفضل من الذي كنت فيه إذا صحت النية فيه ] 
وروى ابن عبدالبر بسند صحيح عن الربيع بن سليمان قال [ سمعت الشافعي يقول: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة ] وروى ابن عبدالبر بسند حسن عن سفيان الثوري قال [ ما من عمل أفضل من طلب العلم 
إذا صحت فيه النية ]   
10  ينوي أن يتعلم العلم ليبلغه لمن يجهله فقد روى البخاري عن عبدالله بن عمرو أن النبي  صل الله 
عليه وسلم  قال [ بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب على متعمدا فليتبوأ 
مقعده من النار ]
11 ــ ينوي أن يتعلم العلم ليدل الناس على الخير فيأخذ مثل أجرهم ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن 
رسول الله صل الله عليه وسلم قال [ من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص 
ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من 
آثامهم شيئا ]
12 ــ ينوي أن يتعلم العلم لتستغفر له المخلوقات حتى الملائكة روى الترمذي وحسنه عن أبي
 أمامة الباهِلي رضي الله عنه قال: ذُكر لرسول الله صل الله عليه وسلم رجلان أحدهما عابد والآخر 
عالم فقال رسول الله صل الله عليه وسلم [ فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ] ثم قال رسول 
الله صل الله عليه وسلم [ إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير ]
13 ــ ينوي أن يتعلم العلم لكي يكون سببا في هداية بعض الناس ففي الصحيحين عن سهل بن سعد رضي
 الله عنه أنه سمع النبي صل الله عليه وسلم  يقول يوم خيبر[ لأعطين الراية رجلا يفتح الله على 
يديه] فقاموا يرجون لذلك أيهم يُعطى فغدوا وكلهم يرجو أن يعطى فقال[ أين علي؟ ] فقيل[ يشتكي عينيه] فأمر فدعي له فبصق في عينيه فبرأ مكانه حتى كأنه لم يكن به شيء فقال[ نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ ] فقال [ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فوالله لأن يُهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم ]

أيها الأحبة هذه الدروس التي أقدمها هي في شرح كتاب التوثيق لبداية المتفقه للشيخ وحيد بن عبدالسلام بالى حفظه الله تعالى
 شرح مقدمة الشيخ وحيد بن عبد السلام بالى




 يقول الشيخ حفظه الله : [ بسم الله ]
بدأ المؤلف حفظه الله كتابه بالبسملة أقتداء بكتاب الله فإنه مبدوء بالبسملة وبدأ بها تبركا وإستعانه 
بالله وأقتداء بالرسول ﷺ فإنه يبدأ مكاتباته ومراسلاته بالبسملة كما جاء فى كتابه لهرقل عظيم الروم  
والمعنى : [ بسم الله أكتب ]
قوله : [ الرحمن ]
هو اسم من أسماء الله الخاصة به ولا تطلق على غيره
  ]  والرحمن معناه  : [ المتصف بالرحمة الواسعة                                                           
قوله : [ الرحيم ]
يطلق على الله عزوجل وعلى غيره ومعناه: [ ذو الرحمة الواصلة ]
 فالرحمن ذو الرحمة الواسعة والرحيم ذو الرحمة الواصلة فإذا جُمعا صار المراد :[ الرحيم ]
 الموصل رحمته إلى من يشاء من عباده ] كما قال تعالى { يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ ۖ
 وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } [ سورة العنكبوت : 21 ]

قوله : [ مقدمة ]
المقدمة بالكسر وقد تفتح وهى [  أول الشئ ] أى [ نص تمهيدي تفسيرى يضعه المؤلف في
أول كتابه مقدمة كتاب ]
قوله : [ الحمد ]
الحمد هو الثناء على المحمود مع المحبة والتعظيم له أى وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم
 والكمال الذاتي والوصفي والفعلي فهو كامل في ذاته وصفاته وأفعاله ولا بد من قيد وهو
 [ المحبة والتعظيم ]  قال أهل العلم : [ لأن مجرد وصفه بالكمال بدون محبة ولا تعظيم لا يسمى حمداً 
وإنما يسمى مدحاً ] ولهذا يقع من إنسان لا يحب الممدوح لكنه يريد أن ينال منه شيئا نجد بعض الشعراء
 يقف أمام الأمراء ثم يأتي لهم بأوصاف عظيمة لا محبة فيهم ولكن محبة في المال الذي يعطونه أوخوفا 
منهم ولكن حمدنا لربنا عزوجل حمد محبة وتعظيم فلذلك أصبح لا بد من القيد في الحمد أنه وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم والألف واللام فى { الحمد } للاستغراق [ أي استغراق جميع المحامد لله تعالى ]
قوله : [ الله ]
 علم على الذات الإلهية مشتق من [ إله يأله ألوهة ] أى [ عبد يُعبد عبادة ] فهذا الاسم
 هو اللفظ الجليل الجامع لكل صفات الكمال التي لا بد أن يتصف بها الخالق العظيم
ومعناه : [ المألوه ] أي [ المعبود أو المستحق للعبادة ]  لما اتصف به من صفات الألوهية
التي هي صفات الكمال التي يدل عليها الأسماء الحسنى جميعها لأن المألوه إنما يؤله لما قام
به من صفات الكمال فيُحب ويُخضَع له لأجلها والباري جل جلاله لا يفوته من صفات الكمال شيئ بوجه 
من الوجوه واللام لإختصاص المحامد كلها لله تعالى مُلكا واستحقاقا
قوله : [ وكفى ]
كاف عبده كما قال تبارك وتعالى ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ  [ الزمر 36 ] 
أى : [ يكفينا حمداً لله ]  يعني أن أي كافيه شئونه وأموره فالفاعل في قوله وكفى هو
وليس معنى قوله وكفى أي كفى قولي  
أى : معتمد ا في هذا التأليف ليس على علمي ولا على قدرتي، ولا على حفظي ولا على فقهي
وإنما معتمد في ذلك على 

قوله : [ وسلام على عباده الذين اصطفى ]   
السلام  : بمعنى التحية أو السلامة من النقائص والرذائل والذنوب والبرأة من العيوب
على عباده الذين اصطفى :أى الذين أختارهم الله عزوجل واجتباهم وفضلهم على جميع الخلق لقوله 
﴿ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى [ النمل : 59 ] وهم الذين أجتباهم الله عزوجللنبيه محمد صل الله
عليه وسلم فجعلهم أصحابه ووزراء على الدين الذي بعثه بالدعاء إليه دون المشركين به الجاحدين
 نبوة نبيه وهم الذين أمر الله عزوجل المسلمين بطاعتهم
إذن المعنى : شيخنا حفظه الله طلب السلامة من النقائص والرذائل والذنوب والعيوب من الله لعباده 
المصطفين من الأنبياء والصحابة والصالحين  

قوله : [ وبعد ]
هذه كلمة يؤتى بها عند بداية الدخول فى الموضوع المراد التحدث عنه وقيل : يؤتى بها للأنتقال 
من أسلوب إلى أخر
قوله : [ فهذا مختصر ]
هذا : إشارة إلى ما فى ذهن الشيخ حفظه الله مما سيكتبه من مُجمل الفقه
مختصر : أى موجز وهو ما قل لفظه وكثر معناه
والأختصار : هو تقليل الشئ وقد يكون إختصار الكتاب بتقليل مسائله أوبتقليل ألفاظه
مع تأدية المعنى
قوله : [ فى الفقه بضبط شوارده ]
إذن ليس كتاب عقيدة ولا فى سلوك ولا في التفسير ولا في الحديث هو كتاب في الفقه
أى : كتبت هذا المختصر فى الفقه لضبط مسائل الفقه المتفرقه
الشوارد : جمع شاردة وهى المسائل المتفرقة ومنه قوله تعالى ﴿ فَشَرِّدَّ بِهِم [ الأنفال : 57 ]
 أى فرق وبدد جمعهم
المعنى : أن شيخنا حفظه الله وضع هذا المختصر ليجمع فيه فروع مسائل الفقه المتفرقة
تحت ضوابط كلية
قوله : [ ويجمع قواعده ]
أى هذا المختصر يجمع فيه فروعا كثيرة من الأبواب الفقهية تحت قواعد كلية
قواعد : جمع قاعدة والقاعدة فى اللغة : [ هي أساس الشيء وأصوله ]  سواء كان حسيا كقواعد 
البيت أومعنويا كقواعد الدين أي دعائمه وقد جاء هذا اللفظ في القرآن الكريم قال الله عزوجل
﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ   [ البقرة : 127 ] معنى القاعدة في الآية الأساس وهو ما يرفع       
عليه البنيان فكل ما يبنى عليه غيره يسمى قاعدة
والقاعدة إصطلاحا : [ هى قضية كلية شرعية عملية جزئياتها قضايا كلية شرعية عملية ]
هذا التعريف أكثر شمولا من غيره لجميع أنواع القواعد الشرعية ليشمل القواعد العقدية والعبادية والتعاملية والخلقية والدعوية وغيرها سواء اتخذت طابع القواعد الفقهية أو الأصولية أو كانت مما يعد من الضوابط 
أو القواعد فالقاعدة الفقهية تدخل في العبادات وتدخل في المعاملات في العقود وتدخل في الحدود وذلك 
مثل قوله تعالى ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [ هود 114 ]
  وقوله تعالى ﴿ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا [ الشرح 6 ] وقوله رسول الله صل الله عليه وسلم [ إنما الأعمال 
بالنيات ] وقوله [ لا ضرر ولا ضرار ]
وقيل : هى حكم أغلبي يتعرف منه حكم الجزئيات الفقهية مباشرة
ولذلك عرفها الحموي في [ حاشيته على الأشباه والنظائر] بأنها تشمل غالب الجزئيات أوأكثرها ويخرج 
عنها بعض الفروع والجزئيات التي تعتبر استثناءات وقد تطبق عليها قاعدة أخرى ومما يؤخذ على هذا 
التعريف :
أ- أنه عرف القواعد بالأصول وهي مرادفة لها
ب- أدخل فيه ألفاظا عامة غير محددة : كالنصوص الدستورية  فهو اقرب الى تعريفات القانونيين منه 
الى الاصوليين 
 قوله : [ اقتصرت فيه على ما صح دليله ]
أى أكتفى الشيخ حفظه الله فيه بذكر ما صح مستنده من الكتاب والسنة والإجماع والقياس
الدليل لغة : [ ما يدل ويرشد إلى المطلوب] أى الهادي إلى أي شيء حسي أومعنوي خير أوشر
الدليل إصطلاحا : [ هو مستند الحكم الشرعى من الكتاب والسنة والإجماع والقياس ]
ثبت أن الأدلة الشرعية التي تستفاد منها الأحكام العملية ترجع إلى أربعة : [ القرآن والسنة والإجماع 
والقياس ]  وهذه الأدلة الأربعة اتفق جمهور المسلمين على الاستدلال بها واتفقوا أيضا على أنها مرتبة 
في الاستدلال بها بهذا الترتيب : [ القرآن فالسنة فالإجماع فالقياس ]
ما هو الإجماع ؟ الإجماع لغة: العزم والاتفاق قال تعالى ﴿ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ [ يونس 71]
أي: اعزموه ويقال: [ أجمع القوم على كذا ] أي: اتفقوا عليه فكل أمر من الأمور اتفقت عليه طائفة 
فهو إجماع في إطلاق أهل اللغة
ومعناه في الاصطلاح: اتفاق علماء العصر من أمة محمد صل الله عليه وسلم بعد وفاته على أمر من
 أمور الدين
والمراد باتفاقهم: اتحادهم واعتقادهم وهذا التعريف يخرج اتفاق غير المجتهدين فلا يكون اتفاق غير 
المجتهد من أصولي وفروعي ونحوي ولا من لم يكمل فيه شروط الاجتهاد إجماعا ويخرج كذلك اتفاق 
الأمم السابقة ويشير التعريف إلى أن الاتفاق الواقع زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمى إجماعا
وقول على أمر من أمور الدين : أي: يتعلق بالدين لذاته أصلا أوفرعا وهذا يخرج اتفاقهم على أمر دنيوي كإقامة متجر أوحرفة أوعلى أمر ديني لكنه لا يتعلق بالدين لذاته بل بواسطة كاتفاقهم على بعض مسائل
 اللغة أو النحو ونحو ذلك
ما هو القياس ؟ يُطلق القياس على تقدير شيء بشيء آخر فيقال [ قست الأرض بالمتر ] أي
قدرتها به ويطلق على مقارنة شيء بغيره لنعرف مقدار كل منهما بالنسبة للآخر ثم شاع استعمال القياس 
في التسوية بين الشيئين سواء كانت التسوية حسية بين شيئين كقول [ قست هذه الورقة بهذه ] بمعنى سويتها بها أو كانت التسوية معنوية كقول [ علم فلان لا يقاس بعلم فلان ] بمعنى لا يساويه ولا يسوى به
القياس في اصطلاح علماء الفقه الاسلامى [هو إلحاق مالم يرد به نص على حكمه بما ورد فيه نص على حكمه في الحكم لاشتراكهما في علة ذلك الحكم ]أى رد الفرع إلى الأصل بعلة تجمعهما في الحكم مثال 
[ النبيذ كالخمر في الحرمة للإسكار] فالنبيذ فرع لأنه يقاس على شيء آخر ويلحق به وكالخمر: هوالأصل 
لأنه المقيس عليه وفي الحرمة: هو الحكم لأنه الوصف الشرعي المنقول من الأصل إلى الفرع
والإسكار: هو العلة التي من أجلها شرع الحكم في الأصل وبسبب وجودها في الفرع مساوية للأصل نقل 
الحكم من الأصل إلى الفرع
قوله : [ ورجح مدلوله ]
أى قويت وثقلت دلالته يُقال رجح الميزان إذا مال وثقل
والمعنى : أن شيخنا حفظه الله اشترط فى الدليل الذى يستدل به شرطين
أ ــ أن يكون سنده صحيحا                         ب ــ أن يكون مدلوله راجحا قويا
فلم يكتفى شيخنا بذكر ما صح دليله فقط بل أشترط أن يكون مدلوله راجحا فالدليل قد يكون صحيحا ولا
 يستدل به لعدم دلالته على الحكم الفقهى فلا يلزم من صحة الدليل صحة الاستدلال
 به إلا إذا كان مدلوله راجحا
قوله : [ ورتبته على أبواب منار السبيل ]
أى أعتمد شيخنا في ترتيب أبوابه على ترتيب أبواب كتاب [ منار السبيل ] للشيخ إبراهيم بن محمد بن 
سالم بن ضويان رحمه الله رحمة واسعة المتوفى فى ليلة عيد الفطر عام 1353 هجريا وهو كتاب فى الفقه الحنبلى متوسط فى الحجم ولكن غنى بالأدلة
قوله : [ ليكون تمهيدا له ]
أى ليكون هذا المختصر إعداد وتهيئة كمرحلة أولى للطالب المبتدئ فى الفقه قال ابن عباس رضى الله 
عنه ﴿  كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ [ أل عمران 79 ] أى حكماء فقهاء
 ويقال الربانى : الذى يربى الناس بصغار العلم قبل كباره
و الرباني هو الذي يربي الناس على شريعة الله بالعلم والدعوة والعبادة والمعاملة فالرباني منسوب إلى
 التربية وإلى الربوبية فباعتباره مضافا إلى الله ربوبية وباعتباره مضافا إلى الإصلاح تربية
قوله: [ ومدخلا إليه ]
المدخل : الدخول وأيضا الموضع الذى يُدخل منه فيقال :[ دخل مدخلا حسنا ودخل مدخل صدق ]
قوله : [ وأسميته بداية المتفقه ]
البداية هى أول الشئ والمتفقه هو طالب الفقه والفقيه هو العالم بالأحكام الشرعية العلمية كاالحِل
 والصلاح والفساد وكل ما فيه مصلحة خالصة أو راجحة أمر به الإسلام وكل ما فيه مفسدة خالصة أو 
راجحة نهى عنه
والمعنى : أن شيخنا حفظه الله وضع هذا المختصر كبداية لمن أراد أن يتعلم علم الفقه
قوله : [ وأسأل الله أن يُصلح نياتنا]
أى أسأل الله أن يجعل اعمالنا عامة وهذا العمل خاصة خالصا لوجهه الكريم لأن العمل إذا لم يكن خالصا
لله تعالى لم يُقبل لحديث عمر بن الخطاب رضى الله قال سمعت رسول الله يقول [ إنما الأعمال بالنيات ] والنيات جمع نية وهى في اللغة: [ القصد أوالإرادة والعزم ]
وإصطلاحا : هي عزم القلب المقترن بالفعل مثلا : قام الرجل يصلي الظهر فاقترن فعله عند قيامه بعزم 
القلب وإرادته وهو أن يصلي الظهر فقام فاستقبل القبلة ثم رفع يديه ناويا في قلبه أن يصلي الظهر
قول : [ ويلهمنا رشدنا ]
أى يلقننا الخير والرشاد يُقال : [ ألهمه الخير إذا لقنه إياه ]
والإلهام : ما يلقى في الروع ففي الحديث : [ أسألك رحمة من عندك تلهمني بها رشدي ]
الإلهام أن يلقي الله في النفس أمرا يبعثه على الفعل أو الترك وهو نوع من الوحي  يخص الله
به من يشاء من عباده
الرشاد : طريق الأستقامة السوى قال تعالى ﴿ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ  [ غافر 38 ]
أي : اقتدوا بي في الدين أهدكم طريق الهدى وهو الجنة
والرشد : خلاف الغى يستعمل استعمال الهداية يقال أرشده الله والطريق الأرشد مثل الأقصد
أى : الهدى في مقابل الضلال والانحراف وهي مقابلة واضحـة في قـولــه تعالى: ﴿ وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً [ الأعراف 146 ]
ثم ذكر الشيخ بد ذلك فى المقدمة أن الفقه فيه 36 كتاب تبدأ بكتاب الطهاره وتنتهى
بكتاب الإقرار فهذا هو منهج الشيخ فى وضع وشرح الكتاب حفظه الله ونفع به
اما نهجى فى الشرح سوف يكون كما يلى
1 ــ ذِكر ما كتبه الشيخ فى الرساله وشرحه كما تلقيته عن شيخى
2 ــ الشيخ ذكر الصحيح من الأقوال فقط  وسوف أذكر أقوال العلماء مع القول الصحيح الراجح
3 ــ ذِكر أحاديث صحيحة تبركاً بها وأعتماد عليها  
فالعلم والأحاديث يُتبرك بها فهي أحاديث النبي صل الله عليه وسلم فيطلب العبد منها البركة 
بركة بذكرالله بذكر النبي صل الله عليه وسلم حتى ذكر بعض العلماء: أن البدء بـ[ بسم الله الرحمن الرحيم ] تبركا لكن لا يكون كما حدث في تاريخ المسلمين أنهم كانوا يقرؤون البخاري ومسلم تبركا بدون فهم 
لمعانيه أعظم بركة العلم أن تنشره بين الناس وأن تطبقه على أرض الواقع بالأعتماد على الأحاديث 
الصحيحة فى تطبيق الأحكام فلن أعتمد على حديث ضعيف أو نحو ذلك

أسأل الله أن يشرح صدورنا ويوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه
نكتفى بهذا القدر والحمد لله رب العالمين
وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وأله وأصحابه أجمعين



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق