11/26/2016

الدرس الثالث

الشرح
الثانية : العمل به
أى العمل بهذه المعرفة من الإيمان بالله وطاعته فيما أمر واجتناب نواهيه من العبادات الخاصة والمتعدية فالعبادات الخاصة مثل : الصلاة ، الصوم ، الحج والعبادات المتعدية مثل : الامر بالمعروف والنهى عن المنكر  الجهاد فى سبيل الله وغيرهما فنعمل بهذا العلم لأن العمل هو ثمرة العلم وقد ذم الله من لم يعملوا قال عز وجل
{ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ 
وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [ سورة الجمعة : 5 ]
فالعمل بهذا العلم واجب ان نعمل ما علمنا لأننا إذا علمنا ولم نعمل كنا ضالين
 نشبه اليهود الذين علموا وكتموا العلم وإذا لم نتعلم كنا كالنصارى يعبدون الله
على جهل وضلال فالواجب العلم والعمل بهذا العلم ليدل على أن الإيمان صادق فإن الإيمان إعتقاد القلب 
ونطق اللسان وعمل الجوارح  التى تبرهن على حقيقة الإيمان


الثالثة : الدعوة إليه
إذا علمنا وعملنا وعرفنا عظيم نعم الله علينا وفضله علينا وجب أن نشكر هذه النعمة
وأن نؤدى حقها بأن ندعو غيرنا إلى ذلك ،، فلابد أن ننشر هذا الحق وندعو إليه لتبرأ ذمتنا
لأن الواجب على من تعلم وعمل أن يدعو غيره قال تبارك وتعالى
{ ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } [ النحل : 125 ]
وقال سبحانه وتعالى { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ 
الْمُشْرِكِينَ } [ يوسف : 108 ]
إلى ماذا ندعوا ؟
الدعوة إلى ما جاء به الرسول صل الله عليه وسلم من شريعة الله على مراتبها الثلاث
التى ذكرها الله تعالى فى { ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ .... } إلى اخر الأية ولا بد من هذه الدعوة العلم بشريعة الله 
تعالى حتى تكون الدعوة على علم وبصيرة
البصيرة
تكون فيما يدعوا إليه بأن يكون الداعية عالماً بالحكم الشرعى وكيفية الدعوة
مجالات الدعوة
مجالات الدعوة كثيرة منها الدعوة إلى الله تعالى بالخطابة وإلقاء المحاضرات ومنها
الدعوة بالمقالات وحلقات ومجالس العلم
ومن دعا إلى الله بهدى كان له اجر مثل اجور من تبعه فى دعوته إلى يوم القيامة لا
ينقص ذلك من اجورهم شئ
الدعوة إلى الله هى وظيفة الرسل عليهم السلام وطريقة من تبعهم بإحسان
إذن فإذا عرف الإنسان ربه ونبيه ودينه فإن عليه السعى بدعوة إخوانه إلى الله وليبشر بالخير

الرابعة : الصبر على الأذى فيه
 الصبر
الصبر ثلاثة أقسام   1 ـ صبر على طاعة الله              2 ـ صبر على محارم الله
3 ـ صبر على أقدار الله التى يجريها سواء مما لا كسب للعباد فيه أو مما يجريه الله على أيدى بعض العباد
 من أعتداء وأذية أى حبس النفس على طاعة الله وحبسها عن معصية الله والسخط من اقدار الله
فيحبس النفس عن السخر والتضجر والملل ويكون دائم النشاط فى الدعوة وحتى
إن إوذى فيها لأن اذية الداعين إلى الخير من طبيعة البشر إلا من رحم وهدى الله
قال تبارك وتعالى لنبيه صل الله عليه وسلم { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا 
حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا } [ الانعام : 34 ]
إذن لابد من الدعوة إلى الله والصير على هذه الدعوة قال الله تعالى { وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ }  كان يمكن أن 
يقال فأشكر نعمة ربك ولكن عز وجل وقال { وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } وقال{ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ } وقال 
فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا }
أمر الله عز وجل نبيه صل الله عليه وسلم بالصبر والتحمل فإن الصبر صبر على طاعة الله بعمل الواجبات والصبر عن المعاصى بتركها والصبر على ما يصيب من ألم فى الدعوة  إلى الله وكلما قويت الأذية قرب
النصر وليس شرط النصر فى حياة الإنسان ويرى أثر دعوته يتحقق لا النصر يمكن يكون بعد وفاته بإن 
يجعل الله قبولاً فى قلوب العباد إلى ما دعا إليه
ويأخذوا به ويتمسكوا به فإن هذا يعتبر نصرا ولو كان بعد وفاته
على الداعية أن يكون صابراً على دعوته مستمر فيها صابراًً على ما يدعو إليه من دين الله تعالى صابراً على
 ما يعترض طريق دعوته وعلى ما يعترضه من أذى
قد اوذى الرسل عليهم السلام بالقول و الفعل قال عز وجل
{ كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } [ الذاريات : 52 ]
وقوله تعالى{ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا }[ الفرقان : 31 ] 
فعلى الداعية أن يقابل ذلك الأذى بالصبر

والدليل قوله تعالى : { إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ 
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }
الدليل على ماذا ؟ على هذه المسائل الأربعة وهى العلم والعمل والدعوة والصبر
فإن فى هذه السورة أقسم الله عز وجل وله القسم بأى من مخلوقاته فأقسم بالعصر
الذى هو الدهر وهو محل الحوادث من خير وشر فأقسم الله عز وجل به على أن الإنسان
فى خسارة إلا من أستثنى من هم المستثنون ؟ هم الذين امنوا و أكملوا الأمر بالإيمان والعمل ثم أكملوا 
غيرهم بأن أوصوهم بالحق ودعوة الحق وأوصاهم بالصبر عليه
فهؤلاء نجوا من الخسارة  لماذا ؟ لأنهم علموا وعملوا ودعوا وصبروا
** بالنسبة للعصر الذى أقسم الله تعالى به في سورة العصر
هناك قولان لأهل العلم : قد يكون المراد به الوقت المعروف الذي فيه صلاة العصر
وهي أحد البردين والصلاة الوسطى و الحلف بعد صلاة العصر خطير فهو أشرف
 الأوقات قال النبي عليه الصلاة والسلام : { إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة
البدر فإن استطعتم ألا تُغلَبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا } [أخرجه البخاري ومسلم ] وقال عليه الصلاة والسلام عن المشركين : { شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر} [ رواه مسلم ] وقال أيضا { من ترك صلاة العصر فقط حبط عمله }[رواه  البخاري ] و قال عليه الصلاة والسلام :
{ من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتر أهله و ماله }  
وقد يراد بها : الدهر فإن فيه من عجائب صنع الله وعظيم تقديره ما يبهر العقول
فإن فيه العصر الذي فيه الزمن والدهر كله يُحيي الله ويميت ويرفع و يخفض ويُعز
ويذل و يعطي و يمنع وفيه تتابع النبوات على البشر وذلك خير عظيم

ماهي شواهد المسائل الأربع من سورة العصر ؟
الشاهد على العلم قوله تعالى : { إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا } فإن الإيمان بالله هو تمام العلم بالله
و بنبيه عليه الصلاة والسلام و بدينه
  الشاهد على المسألة الثانية العمل به قوله تعالى { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }
  الشاهد على المسألة الثالثة ، الدعوة إليه قوله تعالى { وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ }
  الشاهد على المسألة الرابعة، الصبر على الأذى فيه قوله تعالى { وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }

قال ابن القيم رحمه الله : [ جهاد النفس أربع مراتب ]
الأولى : ان نجاهد النفس على تعلم الهدى ودين الحق فلا فلاح ولا سعادة للنفس فى معاشها ومعادها إلا بتعلم الهدى ودين الحق فأنها سبب السعادة في الدنيا و الآخرة
 وبقدر ما يفوت الإنسان من معرفة الهدى و دين الحق بقدر ما يفوته من السعادة في
الدنيا و الآخرة
الثانية : أن نجاهد النفس على العمل به بعد علمه أى مجاهدة النفس على العمل
بما من الله عليه من معرفة الهدى و دين الحق
الثالثة : أن نجاهدها على الدعوة إلى دين الحق وتعليمه لمن لا يعلمه
الرابعة : أن نجاهد بالصبر على مشاق الدعوة إلى الله والأذى فيه من الخلق
إذا أستكمل العبد هذه المراتب الأربع صار من الربانيين




قال الشافعى رحمه الله تعالى [ لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم ]
من هو الشافعى ؟
هو أبو عبدالله محمد بن أدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمى القرشى ولد فى غزة عام 150 هـ وتوفى بمصر عام 204 هـ وهو أحد الائمة الأربعة وما يقصده أن هذه السورة كافية للخلق فى الحث على التمسك بدين الله بالإيمان والعمل الصالح والدعوة
 إلى الله والصبر على ذلك وليس ما يقصده أن هذه السورة كافية للخلق فى جميع
أوجه  الشريعه إن العبد العاقل البصير لو قرأ هذه السورة فلا بد أن يجاهد لتخليص نفسه من الخسارة وذلك بإتصافه بالإيمان والعمل الصالح والتواصى بالحق والصبر

 وقال البخارى رحمه الله  [ باب العلم قبل القول و العمل ] والدليل قوله تعالى
{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ }[محمد : 19 ] فبدأ بالعلم قبل القول و العمل
من هو البخارى ؟
هو أبو عبدالله محمد بن ابن اسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخارى ولد فى شهر شوال عام 194هـ ونشأ يتيم الأم وتوفى فى بلدة فى سمرقند ليلة عيد الفطر عام 256 هـ
استدل البخارى رحمه الله بهذه الأية على وجوب البدء بالعلم قبل القول والعمل
لان القول والعمل لا يكونا صحيحين إلا وفق الشريعة ولكى يعلم الإنسان أن عمله وفقاً
للشريعة عليه بالعلم وهناك أشياء يعلمها الإنسان بفطرته كعلمه بأن الله إله واحد
فهذا قد فطر عليه الإنسان ولا يحتاج إلى الكثير فى تعلمها
إذن فلا بد من علم لان من يدعو على جهالة لا يصح فلا بد من علم كى تدعو الناس
على بصيرة ولا بد من عمل ولا بد من دعوة والصبر على ذلك ورجاء ما عند الله من
ثواب عظيم
ما هو الدليل الذي جاء به البخاري رحمه الله على أن العلم قبل القول و العمل؟
{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ }[محمد : 19 ]

هذا والله تعالى أعلى وأعلم
صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أل بيته وصحبته ومن والهم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق