11/26/2016

الدرس الرابع

الشرح
(اِعلم رحمك الله  أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذهِ المسائل الثلاث)
هذا يدلنا على وجوب تعلم هذه المسائل العظيمة وهذه الأصول الكبيرة وهي هذه المسائل المتعلقة بتوحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وما يتعلق بمسألة الولاء والبراء وهذا علم يجب على كل مسلم ذكر كان أو أنثى 
أن يتعلمه وأن يتعرف عليه [ يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه المسائل الثلاث والعمل بهن] أنه 
يتعرف على معانيها وأنه يعتقد معناها وأن يعمل بمقتضاها ويلازمها فهذهِ المسائل الثلاث واجب تعلمها 
على الجميع على جميعِ المكلفين بل ينبغي تلقينها للصغار وأيضا للكبار وهذا أعظم شيء يعتقده الإنسان ويتعلمه وهذا الأمر أتفق عليه جميع من كذبوا الرسل فكلهم أقروا به ولا أحد ادعى الربوبية وأنه خالق 
العباد إلا فرعون قال : {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: 24]


الأولى : [ أنَّ اللهَ خَلَقَنَا ورَزَقَنا وَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلًا بَلْ أرسلَ إلينا رسولًا ] هذه المسألة الأولى متعلقة بتوحيد الربوبية [ أنَّ اللهَ خَلَقَنَا ورَزَقَنا ]
الأمر الأول : أن يعتقدَ كل مسلم أن الخالق لنا والخالق لجميعِ الأشياءِ والكائنات هو ربنا عزوجل  كما قال
 ربنا تبارك وتعالى في كتابهِ الكريم : {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} ويقول ربنا عزوجل أيضا في كتابه 
الكريم : { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} فربنا عزوجل هو الذي خلقنا ولم يجحد ويردهذا الأمر إلا شواذ من الناس 
وإلا فالجميع مفطورون على أن الذي خلَقهم هو اللهُ  تباركَ وتعالى  ولهذا ربنا عزوجل خاطب المشركين 
بقوله : { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} خاطبهم بشيء لا يستطيعون أمامه إما التسليم أى إما 
أن يسلموا بالحق أَو أنهم يكابروا المنقول والمعقول { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } إذن فالقسمة ثلاثية ليس هناك قسمة رابعة إما أن يكونوا وُجِدُوا من العدم بدونِ خالق ولا مُوجِد لهم وهذا لا يمكن 
ومستحيل أن يوجد هذا الكون بما فيه من المخلوقات بدون مُوجِد وبدون خالق الأمر الثاني : أَو أنهم هم 
الذين خلقوا أنفسهم وهذا أيضا مستحيل ما بقي إلا الأمر الثالث وهو أن هناك خالقًا وأن هناك مُوجِدًا وهو 
ربنا عزوجل ولهذا يقول ربنا هنا : {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} لما سمعها جبير بن مطعم 
رضي الله عنه وكان يومئذ كافرا قال : (فكان أول ما وقع الإيمانُ في قلبي) وفي رواية : (فكادَ قلبي أن يطير) لماذا ؟ لأنه حجهم بهذا إذا كنتم تعلمون أن الله الذي خلَقَكم فعليكم أن توحدوه
وأيضا [ أنَّ اللهَ خَلَقَنا ورَزَقَنا ]
 اللهُ عزوجل هو الخالق وهو الرازق فالذي يرزق هو الله{أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ} ويقول 
ربنا عزوجل في كتابه الكريم {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} وأيضا يقول ربناعز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } فربناعزوجل هو الذي يرزق الخلائق كلها يرزق الحيوان ويرزق الإنسان ويرزق المؤمن ويرزق الكافر
ويرزق الصالح ويرزق الطالح { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}ومعلوم أن الرزق من مقتضيات الربوبية فإذا علم الجميع أن اللهَ عز وجل هو الذي خلق وهو الذي رزق فهذا يوجب عليهم أن يفردوه 
سبحانهُ وتعالى  بالعبادة وأن يخلصوا الدين له وألا يشركوا به غيره سبحانه وتعالى
[ أنَّ اللهَ خَلَقَنَا ورَزَقَنا وَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلًا ]
 أي لم يتركنا سُدى مهملين مُعطلين بل الأمر عظيم والشأن كبير 
قال ربنا عز وجل : {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى}ويقول ربنا عزوجل أيضاً : {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} هذا لا يمكن أن يعتقد الإنسان أن ربنا عزوجل الذىخلق هذه الخلائق وأقام المعالم وخلق السموات والأرض وأرسل الرسل وأنزل الكتب وحصلت المفاصلة بين الرسل وأقوامهم 
واُزهقت أرواح وسُلبت أموال وأيضاً حصلت أمور عظيمة إنما أوجدهم لأجل الأكل والشرب وقضاء 
حاجات البطون والفروج لا هذا لا يمكن { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} بل 
ربنا عزوجل خلق هذه الخليقة لحكمة عظيمة وغاية جليلة وجعل لهم موعداً يرجعون إليه ويحاسبهم 
فيه ويسألهم فيه عن كل شئ

قال : [ أنَّ اللهَ خَلَقَنَا ورَزَقَنا وَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلًا بَلْ أرسلَ إلينا رسولًا فَمَن أطَاعهُ دخلَ الجنة                  ومن عصاهُ دخلَ النار ]
ربنا عزوجل أرسل إلى هذه الأمة رسولا كما أنه أرسل إلى الأمم المتقدمة الرسل قال ربناعزوجل  
{ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} قال  [ بل أرسل إليهم رسولا ] وهو نبينا محمد صل الله عليه وسلم

[ فَمن أطَاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار ]
 يعني أن ربنا عزوجل أرسل هذا الرسول ليطاع بإذن الله وأرسله بالهدى والبينات ودين الحق وأنزل 
عليه القرأن وبعثه بهذا الدين العظيم ليستقيم الناس عليه ويعملوا بما فيه ويهتدوا بهديه ويستفيدوا مما 
أودعه الله تبارك وتعالى فيه هذا هو الغرض وهذه هي الحكمة أرسل إليهم رسولا ليطيعوه بإذنِ الله كما قال 
الله عزوجل : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} هذا أمر واجب  [ بل أرسل إلينا رسولا فَمن أطَاعه دخل الجنة ] إذًن من أطاع هذا الرسول دخل الجنة لأن في طاعته طاعة لله عزوجل كما قال ربنا  تبارك 
وتعالى : { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} ومن أطاع اللهَ عزوجل أدخله الجنة كما قال النبى صل الله عليه وعلى أله وسلم: [ كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أَبى ] قيل : [ ومن يأبى يا رسول الله ؟]  قال[ من أطاعني
 دخل الجنة ومن عصانى فقد أبى ] إذن علق النبى صل الله عليه وسلم دخول الجنة في طاعة الله وكما قلنا
أن طاعة الرسول عليه الصلاة والسلام فيها طاعة لله  وربنا عز وجل يقول فى كتابه الكريم  { وَمَنْ يُطِعِ 
اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }

[ فَمَن أطَاعهُ دخلَ الجنة ومن عصاهُ دخلَ النار ]
من عصى الرسول صل الله عليه وسلم فإنه يكون مستحقاً لدخول النار كما قال ربنا عز وجل  {وَمَنْ يَعْصِ
 اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}

قال والدليل قوله عز وجل { إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا }
الدليل هي هذه الآية الكريمة { إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا } وهو نبينا محمد بن عبد الله الهاشمي القرشى
 صل الله عليه وعلى أله وسلم  { إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ} أي شاهدا عليكم بأعمالكم 
كما قال ربنا عز وجل { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ 
شَهِيدًا } وكما قال عز وجل { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } فالنبى صل
 الله عليه وعلى أله وسلم شاهد على هذه الأمة يوم القيامة بأعمالهم  

{ إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا }
من هو الرسول الذي أرسله الله عز وجل إلى فرعون ؟ إنه نبي الله موسى الكليم عليه الصلاة والسلام 
أرسله إلى فرعون يدعوه إلى التوحيد وينهاه عن الشرك ويأمره بطاعة الله وينهاه عن معصية الله فأبى 
وعاند {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ }
لم يقابل هذه الدعوة بالتسليم والإذعان بل كابر وعصى وعاند قال الله عزوجل { فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا } 
أي عذبناه عذاباً شديداً بالغاً وعظيماً { فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا } كما قال الله عز وجل وفى أية أخرى قال الله عزوجل { فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى } فربنا عزوجل عاقبه على كفره وعصيانه عذبه فى الدنيا 
وعذبه فى قبره وعذبه يوم معاده ونشوره  ففي الدنيا أغرقه وجنوده وأيضا في القبرِ ويوم المعاد كما قال
ربنا عز وجل { النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }
هذا فيه تحذير لهذه الأمة وفيه تحذير لمن يقرأ كتاب الله عز وجل من أن يعصي الرسول صل اللهُ عليه 
وعلى آله وسلم فعلى الجميع أن يأخذَ العبرة وأن يعلم أن الله عذب فرعون وجنوده بسبب عصيانهم 
لرسولهم وهكذا من عصى نبينا محمد صل الله عليه وعلى أله وسلم كان مستحقاً للعذاب والنكال فهذه سنة
الله عزوجل التى لا تتغير ولا تتبدل بل من عصى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام كان أولى بالعذاب 
والعقوبة لماذا ؟  لأنه أشرف وأفضل الأنبياء

المسألة الثانية قال المصنف رحمه اللهُ [ الثانية : أنَّ اللهَ لا يرضى أن يُشرك معه أحد في عبادته لا 
ملك مقرب ولا نبى مرسل والدليل قوله تعالى { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } ]
يقول المصنف رحمه الله [ أن اللهَ لا يرضى أن يُشرك معه أحد في عبادته ] الله لا يرضى بالكفر والله عزوجل 
لا يرضى بالشرك بل يرضى لعباده الإسلام والتوحيد كما قال ربنا عزوجل { وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } 
وكما يقول ربناعزوجل : { إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ } فربنا عز وجل لا يرضى لعباده الكفر والشرك ويرضى لهم الإسلام والدين والتوحيد والطاعة
[أنَّ اللهَ لا يرضى أن يُشرك معه أحد في عبادته ] أن يصرف شئ من العبادة لغير الله فهذا مما لا يرضاه الله سبحانه وتعالى بل ربنا تبارك وتعالى يحب من عباده أن يُفردوه بالعبادة وأن يُخصوه بها وألا يصرفوها 
لغيره فهو المستحق وحده عز وجل لذلك
قال ربنا عز وجل : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا } وكما قال ربنا عزوجل { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا 
إِيَّاهُ } ويقول عزوجل { بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ } ويقول ربنا تبارك وتعالى  {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا 
لَهُ الدِّينَ} ويقول ربنا تبارك وتعالى {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} ويقول الله عزوجل  {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} ويقول ربنا عزوجل { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }
يعني هذه الأدلة كلها وأمثالها وأضعافها تدل على أنه لا يجوز أن تصرف العبادة لغير الله تبارك وتعالى وأن 
الله لا يرضى بذلك
[ الشرك ] هو : صرف العبادة لغير الله تبارك وتعالى كائناً من كان
و [ التوحيد ] هو : إفراد الله عز وجل بالعبادة
قال [ أن الله لا يرضى أن يُشرك معه أحد في عبادته ] أحد أي أحد [ لا ملك مقرب ولا نبى مرسل ] يعني 
لا يجوز أَن تصرف العبادة لغيرِ الله لكائنٍ من كان سواء كان ملكا مقربا له مقام وجاه عند الله أَو كان 
رسولاإذا كان هؤلاء الذين لهم المنزلة عند الله [ الملك المقرب ] و [ النبى المرسل ] لهم الجاه عند الله  
ولهم المنزلة عند الله مع ذلك ربنا عز وجل لا يرضى أن تصرف لهم العبادة فغيرهم ممن هو دونهم من 
باب أولى

قال والدليل قوله تعالى { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا }
قوله عزوجل { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ } فيه قولان لأهل العلم ما المراد بالمساجد ؟
القول الأول : أن المساجد هي البيوت أو المواضع التي بنيت لأداء طاعة الله عزوجل فمعنى الآية الكريمة 
{ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ } أي أن هذه المواضع إنما بنيت لله فلا تعبدوا معه غيره إنما بنيت خالصة لوجه الله 
وإنما بنيت لإقامة ذكر الله ولتحقيق التوحيد لله عزوجل فلا تعبدوا فيها غيره  
والقول الثاني : أن المراد بالمساجد هو أعضاء السجود كما جاء في حديث ابن عباسٍ قال النبي صل الله 
عليه وعلى آله وسلم [ اُمِرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين ] فالمراد { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ } أي أن مواضع سجودكم اصرفوها لله واجعلوها لله
{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} أي لا تعبدوا بها غير الله تبارك وتعالى
هنا لا منافاة بين المعنين فكلا المعنين لقوله { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا } مراده لا تدعوا مع الله لا 
بدعاء المسألة ولا بدعاء العبادة أحدا وكلمة { أحدًا } هى نكرة فى سياق النهى فهو يفيد العموم حيث أن المقرر عند أهل العلم أن النكرة فى سياق النهى يفيد العموم  
إذن قوله عزوجل { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا} كائنا من كان لا ملكا ولا رسولا ولا شجرا 
ولا حجرا ولا صنما ولا جنيا ولا صالحا ولا طالحا  

قال المصنف رحمه الله الثالثة [ أن من أطاع الرسول ووحد اللهَ لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب والدليل قوله تعالى { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ]
المسألة الثالثة التي ذكرها المصنف رحمه الله  أن من وفقه الله عز وجل لطاعة الرسول صل الله عليه 
وسلم وتوحيد المولى تبارك وتعالى فلا بد أن يعلم أمر مهم وعظيم أن من حقق التوحيد لله عزوجل وحقق المتابعة للنبى صل الله عليه وسلم أنه لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله إذًن هذه المسألة الثالثة في 
شأن كبير وهو مسألة الولاء والبراء

قال [ لا يجوز لهُ موالاة مَنْ حادَّ اللهَ ورسوله ] الموالاة بمعنى : الموادة ، والمصادقة
المؤمن لا يجوز له أن يوالي أعداء الله ورسوله وأعداء دينه وشرعه والمسلمين بل عليه أن يوالي
 المؤمنين ويحبهم في الله وأن يبغض الكافرين ويعاديهم  ويقاطعهم ويصارمهم ويبغضهم في الله ومن أجل
 الله عزوجل
قال [أن من أطاع الرسول ووحد اللهَ لا يجوز له موالاة من حاد اللهَ ورسوله ولو كان أقرب قريب]    
 هذه مسألة مهمة جداً ينبغى على الموحد أن يعلمها وأن يعمل بمقتضاها وأنه لا يجوز له أن يوادد ولا
أن يصادق ولا أن يخالل ولا أن يطلب رضا ولا أن يحب هؤلاء الكفرة  الذين أهانهم الله لكفرهم  والذين 
أذلهم الله بشركهم  لا يجوز له أن يتخذهم أخلاء وأن يجعلهم أصدقاء وأن يطلب رضاهم ويصادقهم 
ويواددهم وأن ينزع من قلبه البغض لهم هذا لا يجوز بل الواجب على المسلم أن يقاطعهم وأن يبتعد عن مجالستهم وأماكنهم إلا فى حدود الضرورة أو الدعوة إلى الله ويجب عليه أن يحب إخوانه المؤمنين 
فالمؤمن أخ المؤمن وإن بعد داره وبعد نسبه والكافر بعيد وبغيض إليك وإن قرب نسبه لأن الأُخَوة 
الحقيقية هي أُخَوة الدين أما أُخَوة النسب إذا لم تكن في اللهِ عزوجل فهي منقطعة وذاهبة كما قال ربنا 
عزوجل {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّإِلَّا الْمُتَّقِينَ}
هنا يقول ربنا تبارك وتعالى {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}  يعني أبدا 
لا يمكن أن يوجد مؤمن باللهِ واليومِ الآخر حقَّق الإيمان وعنده الصدق في الإيمان { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ 
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } هذا لا يمكن أن يوجد أنه مؤمن ظاهرا وباطنا بالله ورسوله وباليومِ الآخر ثم تجده يوادد ويصادق ويحابب  ويتقرب إلى هؤلاء التماسا لرضاهم هذا لا يمكن أن يوجد 
بل من وجد في نفسه شيئا من ذلك من وجد ميلا ومحبة وركونا فعليه أن يتفقد إيمانه وأن يتفقد ما فى قلبه 
من هذا الإيمان لأن الله أشترط قال { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } 
وفي الآية الأخرى { وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ 
فَاسِقُونَ } ويقول ربنا عزوجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ 
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ويقول ربنا عزوجل {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً }
فالمؤمن بالله واليومِ الآخر المؤمن بالله ورسوله لا يمكن أن يجتمع في قلبه محبة الله ورسوله ومحبة 
أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء دينه وشرعه وأعداء المسلمين هذا من المحال أن يجتمع الضدان في 
قلب المؤمن وما أحسن قول العلامة ابن القيم - رحمه الله إذ يقول [ أتحب أعداء الحبيب وتدعي حبا له ما 
ذاك فى إمكان ] لا يمكن أن يحب الإنسان شخصا ويحب عدوه فهذا من المحال فهنا يقول ربنا عزوجل { لَا
 تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } من هم الذين حادوا الله ورسوله ؟ 
إنهم الكفار وإنهم المشركون
{ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ } يعني ما يمكن أن يحبهم لأجل ما 
هم عليه من كفْرولو كانوا أقرب الناس إليه ولو كان هذا الكافر بالله أباً ولو كان أماً ولو كان أخاً ولو كان 
أختاً أو عماً أو خالاً ولو كان قريباً حميماً { وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ } لا يمكن 
ولو كانوا قريبى النسب كما قال الله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} هذا لا يمكن { أُولَئِكَ كَتَبَ فِي 
قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ } يعني هؤلاء الذين لم يرضوا بأي نوع من أنواع الموالاة لا بالدفاع عن الكفار لا بإقرار 
ما هم عليه من دينٍ باطل لا بتسويق مذاهبهم الباطلة المنحرفة لا بالحكم عليهم بالإسلام لا بمساعدتهم 
لأجل كفرهم لا بالفرح لأفراحهم الباطلة لا بالتشبه بهم لا في عقيدة ولا في عبادة ولا في عادة سيئة ولا 
في أخلاق هابطة ولا بمساعدتهم لأجل انتصارهم على المسلمين أَو تقوية دينهم لا بالتأريخ بتأريخهم أَوأن يجعلوا أعيادهم عيدا لهم لا بالتسمي بأسمائهم لا ببذل الغالي والرخيص لأجل نيل رضاهم هذا إذا كانوا 
كذلك فإن اللهَ عزوجل يكَرمَهم { أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ } هؤلاء الذين رسخ الله عزوجل الإيمان والسعادة في قلوبهم جعله راسخاً ثابتاً لا يتزلزل { وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ } أيدهم بدينه وبوحيه وبمعونته 
الخصلة الثالثة { وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } وهى دار الكرامة { رَضِيَ اللَّهُ 
عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } هذه الخصلة الرابعة أن اللهَ عز وجل يرضى عنهم فلا يسخط عنهم بعده أبدا إن داوموا على ذلك حتى الممات والخصلة الخامسة { أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} {أُولَئِكَ حِزْبُ
 اللَّهِ } أي أولئك عباد الله وأهل كرامته { أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } وصفهم ربنا عز وجل بالفلاح

هذا والله تعالى أعلى وأعلم

وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى أل بيته تسليماً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق